للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعقوب بنصب اللاّم عطفا على ﴿وَأَيْدِيَكُمْ﴾ فإنّ حكمها الغسل كالوجه والأيدي كأنّه قيل: "واغسلوا أرجلكم"، وتؤيده السّنّة الشّائعة وعمل الصّحابة، وقول أكثر الأئمّة والتّحديد في قوله ﴿إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ إذ المسح لم يجد، لكن تعقب بعضهم ذلك بأنّه يلزم منه الفصل بين المتعاطفين بجملة غير اعتراضية لأنّها منشئة حكما جديدا فليس فيها تأكيد للأولى (١)، وقال ابن عصفور: - وقد ذكر الفصل بين المتعاطفين -:

"وأقبح ما يكون بالجمل" (٢) فدلّ قوله على أنّه لا يجوز تخريج الآية على ذلك، وقال أبو البقاء (٣) عكس/هذا فقال: "هو عطف (٤) على الوجوه"، ثمّ قال: "وذلك جائز في العربية بلا خلاف"، وجعل السّنّة الواردة بغسل الرّجلين مقوّية لهذا التّخريج، وليس بشيء، فإنّ لقائل أن يقول: يجوز أن يكون النّصب على محل المجرور وكان حكمها بالمسح ولكن نسخ ذلك بالسّنّة، وهو قول مشهور للعلماء، قاله صاحب (الدر المصون) (٥)، فتكون ﴿وَاِمْسَحُوا﴾ جملة اعتراضية وهي في القرآن وكلام العرب كثير.

وعن الحسن بالرّفع على الابتداء، والخبر محذوف أي: وأرجلكم مغسولة أو ممسوحة.

وقرأ الباقون بالخفض عطفا على ﴿بِرُؤُسِكُمْ﴾ لفظا ومعنى، ثمّ نسخ ذلك بوجوب الغسل، أو هو حكم باق، وبه قال جماعة أو يحمل مسح الأرجل على بعض الأحوال وهو لبس الخف، وهو معنى قول الشّافعي أراد بالنّصب آخرين، وبالجرّ آخرين أو الجرّ للتّنبيه على عدم الإسراف في الماء لأنّها مظنّة لصبّ الماء


(١) في الدر المصون ٤/ ٢١٠: [للأول].
(٢) ضرائر الشعر لابن عصفور: ١٦١، إعراب القرآن لابن سيده ٣/ ٣٨٣، البحر المحيط ٣/ ٣٥٢.
(٣) الإملاء ١/ ٢٠٨، التبيان ١/ ٤٢٢.
(٤) في الإملاء ١/ ٢٠٨، والدر المصون ٤/ ٢١٠: "معطوف".
(٥) الدر المصون ٥/ ٢٤١، والنقل بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>