للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في ﴿فَجَزاءٌ مِثْلُ ما﴾ (١) فعاصم/وحمزة والكسائي وكذا يعقوب وخلف ﴿فَجَزاءٌ﴾ بالتنوين والرفع على الابتداء، والخبر محذوف تقديره فعليه جزاء، أو على أنّه خبر لمبتدأ محذوف تقديره فالواجب جزاء، أو أنّه فاعل بفعل محذوف أي فيلزمه أو يجب عليه و ﴿مِثْلُ﴾ برفع اللاّم لأنّ مثل صفة ل «جزاء» أي فعليه جزاء موصوف بكونه مثل ما قتله أي: مماثله، وجوز مكّي وأبو البقاء (٢) وغيرهما أن يرتفع ﴿مِثْلُ﴾ على البدل، ولم يذكر الكواشي غيره، ووافقهم الأعمش والحسن، وقرأ الباقون برفع «جزاء» من غير تنوين وخفض اللاّم على أن «جزاء» مصدر مضاف لمفعوله تخفيفا، والأصل: فعليه أن يجزي المقتول من الصّيد مثله من النّعم ثمّ حذف المفعول الأوّل لدلالة الكلام عليه وأضيف المصدر إلى ثانيهما كقولك:

"زيد فقير "، و" يعجبني إعطاوك الدرهم "، أي: إعطاؤك إياه الدرهم، أو أنّ «مثل» مقحمة كقولهم:" مثلك لا يفعل ذلك "، أي: أنت لا تفعل ذلك، ونحو قوله - تعالى - ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ﴾ (٣) أي: بما آمنتم، وبهذا ندفع قول الواحدي وغيره:

"ولا ينبغي إضافة الجزاء إلى المثل لأنّ عليه جزاء المقتول لا جزاء مثله، فإنّه لا جزاء عليه لمّا لم يقتله " (٤)، وتبيّن أنّه لا التفات لذلك، وأيضا فإنّ أكثر القرّاء على هذه القراءة المتواترة،" والذي عليه الجمهور أنّ العامد والنّاسي سواء في وجوب الجزاء عليه فالقرآن دلّ على وجوب الجزاء على المتعهد وعلى تأثيمه بقوله ﴿لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ﴾ (٥)، وجاءت السنة من أحكام النّبي وأحكام أصحابه بوجوب الجزاء في الخطأ كما دلّ الكتاب عليه في العمد، وأيضا


(١) المائدة: ٩٥، النشر ٢/ ٢٥٦، المبهج ٢/ ٢٢٢، مفردة الحسن: ٢٦٩، مصطلح الإشارات: ٢٢٠، إيضاح الرموز: ٣٦٥، الدر المصون ٤/ ٤١٨.
(٢) المشكل ١/ ٢٤٤، الإملاء ١/ ٢٢٦، التبيان ١/ ٤٦٠، معاني القرآن للزجاج ٢/ ٢٢٨.
(٣) البقرة: ١٣٧.
(٤) التفسير البسيط ٧/ ٥١٩.
(٥) المائدة: ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>