للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمّا فتح الأوّل ففيها وجوه:

أحدهما: أنّها بدل من «الرحمة» بدل شيء من شيء، والتّقدير: كتب على نفسه أنّه من عمل إلى آخره فإنّ نفس هذه الجملة المتضمنة للإخبار بذلك رحمة.

والثّاني: أنّها في محل رفع على أنّها مبتدأ، والخبر محذوف أي: عليه أنّه من عمل إلى آخره.

والثالث: أنّها فتحت على تقدير حذف حرف الجرّ، والتّقدير: لأنّه من عمل، فلمّا حذفت اللاّم جرى في محلها الخلاف المشهور.

وأمّا فتح الثّانية فعلى أنّها في محل رفع على أنّها مبتدأ والخبر محذوف، أي:

فغفرانه ورحمته حاصلان أو كائنان، أي: فعليه غفرانه ورحمته، وقد أجمع القرّاء على فتح ما بعد فاء الجزاء في قوله ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ﴾، ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ﴾ (١)، كما أجمعوا على كسرها في قوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ﴾ (٢)، أو على أنّها خبر مبتدأ محذوف أي: فأمره أو شأنه أنّه غفور رحيم.

وقرأ الباقون بالكسر فيهما فكسر الأولى على أنّها مستأنفة، وأنّ الكلام تام قبلها وجيء بها وبما بعدها كالتفسير لقوله ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ (٣)، أو كسرت بعد قول مقدّر، أي: قال الله - تعالى - ذلك، وهذا في المعنى كالذي قبله، أو أجرى ﴿كَتَبَ﴾ مجرى «قال» فكسرت بعده كما تكسر في القول الصريح، وهذا لا يتمشى على أصول البصريين، وأمّا كسر الثّانية فعلى الاستئناف بمعنى أنّها في صدر جملة وقعت خبرا ل «من» الموصولة أو جوبا لها إن كانت شرطا، أو أنّها عطف على


(١) التوبة: ٦٣.
(٢) الجن: ٢٣.
(٣) الأنعام: ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>