للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاذا «فلا تحسبنّ الله مخلف وعده رسله» (١) بنصب «وعده» وخفض «رسله»، وصحّ من كلامه : "هل أنتم تاركوا لي صاحبي" (٢)، "تاركوا لى امرأتي" (٣)، أي:

تاركوا صاحبي لى، وتاركوا امرأتي لي، ففصل بالجار والمجرور وهو فرع/فصل الظرف، وقال ابن جني في كتاب الخصائص (٤): "ما يرد عن العرب مخالفا للجمهور إذا اتّفق شيء من ذلك نظر في حال العربي وما جاء به فإن كان فصيحا وما أورده يقبله القياس فإنّ الأولى أن يحسن به الظن لأنّه يمكن أن يكون وصل إليه من لغة قديمة طال عهدها وعنى رسمها، ثمّ روى بسنده إلى عمر كان الشّعر علم قوم فلمّا جاء الإسلام اشتغلوا عنه بالجهاد والغزو فلمّا تمهّدت الأمصار وهلك من هلك راجعوه فوجدوا أقلّه، وذهب عنهم أكثره"، وروي إيضا عن أبي عمرو بن العلاء قال: "ما انتهى إليكم ممّا قالت العرب إلاّ أقلّه ولو جاءكم وافرا لجاءكم علم وشعر كثير"، قال أبو الفتح: "فإذا كان الأمر كذلك لم نقطع على الفصيح يسمع منه ما يخالف الجمهور بالخطأ" انتهى، قال في (الدر): فقراءة ابن عامر بهذه الحيثية بل بطريق الأولى والأحرى لو لم تكن متواترة، فكيف وهي متواترة؟، وقال صاحب (المقرب): "يجوز فصل المصدر المضاف إلى فاعله بمفعوله لتقدير التّأخير"، وقال في (التّسهيل): "ويفصل في السعة بالقسم مطلقا وبالمفعول إن كان المضاف مصدرا نحو: أعجبني دق الثوب القصار" (٥)، وأمّا النّظم فمنه قول عمرو قميئة (٦):


(١) إبراهيم: ٤٧.
(٢) البخاري ٥/ ٦ (٣٦٦١)، ٦/ ٧٥ (٤٦٤٠).
(٣) هكذا في المخطوطات والدر المصون ٦/ ٤٤٠، والصواب: "تاركوا لي امرائي" الحديث رواه مسلم ٥/ ١٤٩ (٤٥٩١٩، وأحمد ٦/ ٢٦ (٢٤٤٨٧)،
(٤) الخصائص ١/ ٣٨٥.
(٥) التسهيل لابن مالك: ٣/ ٢٧٦، الدر المصون ٦/ ٤٤٠.
(٦) البيت من بحر السريع، وهو لعمرو بن قميئة هو: عمرو بن قميئة بن سعد بن مالك الثعلبي البكري الوائلي النزاري (١٨٠ - ٨٥ ق م)، شاعر جاهلي مشهور معمر، كان يصاحب حجرا والد امرئ القيس، فلما قتل رافق امرئ القيس في رحلته إلى الروم فمات هناك فقيل له عمرو -

<<  <  ج: ص:  >  >>