للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخاء أيضا عنه، وأصل القراءتين: اختطف فلمّا أريد الإدغام سكنت التّاء وقبلها الخاء ساكنة، فكسرت الخاء لالتقاء السّاكنين، ثمّ كسرت الطّاء إتباعا لحركة الخاء، وهذا توجيه القراءة الثّانية وهي واضحة، وأمّا القراءة الأولى فمشكلة جدا لأنّ كسر الطّاء إنّما كان لكسر الخاء وهو مفقود، وقد وجه على التّوهم، وذلك أنّهم لمّا أرادوا الإدغام نقلوا حركة التّاء إلى الخاء ففتحت وهم يتوهمون أنّها مكسورة لالتقاء السّاكنين كما تقدم فأتبعوا الطّاء لحركة الخاء المتوهمة، وبالجملة فهو تعليل شذوذ والله أعلم.

واختلف في ﴿عَجِبْتَ﴾ (١) فحمزة والكسائي، وكذا خلف بتاء المتكلم ورويت عن علي وعبد الله بن مسعود، أي: قل يا محمد: بل عجبت أنا، أو على إسناده للباري - تعالى -، وقد أنكر شريح القاضي هذه القراءة وقال: "الله لا يعجب" فبلغت إبراهيم النّخعي فقال: "إن شريحا كان معجبا برأيه قرأها من هو أعلم منه" - يعني عبد الله بن مسعود - قال في (البحر): "والظاهر أنّ ضمير المتكلم هو الله تعالى والعجب لا يجوز على الله تعالى لأنّه روعة تعتري المتعجب من الشيء، وقد جاء في الحديث إسناد العجب إلى الله - تعالى - ويؤول على أنّه صفة فعل يظهرها الله - تعالى - في صفة المتعجب منه من تعظيم أو تحقير حتى يصير النّاس متعجبين منه، فالمعنى بل عجبت من ضلالتهم وسوء عملهم، وجعلناها للناظرين فيها وفيما اقترن (٢)، وافقهم


= - الدر المصون ٩/ ٢٩٤، البحر المحيط ٩/ ٩٣.
(١) الصافات: ١٢، النشر ٢/ ٣٥٨، المبهج ٢/ ٧٨٢، تفسير البيضاوي ٥/ ٧، الدر المصون ٩/ ٢٩٤، البحر المحيط ٩/ ٩٤.
(٢) وباقي النص من البحر المحيط ٩/ ٩٤:" وفيما اقترن فيها من شرعي وهداي متعجبا "، ومذهب أهل السنة كما قال الشيخ ابن العثيمين:" العجب من صفات الله الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف، قال الله تعالى: «بل عجبت ويسخرون» - على قراءة ضم التاء، وقال النبي : يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة - رواه أحمد، وأجمع السلف على ثبوت العجب لله فيجب إثباته له من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تمثيل، وهو عجب حقيقي يليق بالله، وفسره أهل التعطيل بالمجازاة ونرد عليهم بما سبق في القاعدة الرابعة، والعجب نوعان: -

<<  <  ج: ص:  >  >>