وإضافة الرحمة الى الله التفات من ضمير المتكلم إلى الاسم الغائب لأنّ في إضافتها إليه سعة للرحمة إذ أضيفت إلى الاسم الذي هو أعظم الأسماء لأنّه العلم المحتوى على معاني جميع الأسماء، ثمّ أعاد الاسم الأعظم وأكد الجملة ب «أنّ» مبالغة في الوعد بالغفران، ثمّ وصف نفسه بما سبق في الجملتين من الرحمة والغفران يقتضي المبالغة، وأكد بلفظ ﴿هُوَ﴾ المقتضى عند بعضهم الحصر، وقال الزّمخشري: إن الله يغفر الذنوب جميعا بشرط التوبة، وقد تكرر ذكر هذا الشرط في القرآن فكان ذكره فيما ذكر فيه ذكرا له فيما لم يذكر فيه لأنّ القرآن في حكم كلام واحد ولا يجوز فيه التناقض انتهى، وهو على طريقة المعتزلة في أن المؤمن العاصي لا يغفر له إلاّ بشرط التوبة انتهى من (البحر)، ومذهب أهل السنة غفران الله للعاصي وإن لم يتب إلاّ الشرك والظاهر من قوله في سورة «الطول» ﴿غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ﴾ أنّ توبة العاصى بغير الكفر كتوبة العاصي بالكفر مقطوع بقبولها، وذكروا في القطع بقبول توبة العاصي قولين لأهل السنة.
واختلف في ﴿يا حَسْرَتى﴾ (١) فأبو جعفر بألف بعد التّاء وياء بعدها مفتوحة في رواية ابن جمّاز بلا خلاف ومعه في رواية ابن وردان جمعا بين العوض والمعوض منه أو على أنّه تثنية «حسرة» مضافة لياء المتكلم، وعورض هذا بأنّه كان ينبغي أن يقال:«يا حسرتيّ» بإدغام ياء النّصب في ياء الإضافة، وأجيب: بأنّه يجوز أن يكون راعى لغة للحارث بن كعب نحو: رأيت الزيدان، وعن الحسن «يا حسرتي» بكسر التّاء وبياء ساكنة بدل الألف على الأصل، وقرأ الباقون بالتاء المفتوحة وبعدها ألف بدلا من ياء الإضافة، ووقف عليها بهاء السّكت رويس بخلف عنه، وأمالها حمزة، والكسائي، وكذا خلف، وافقهم الأعمش، وقرأ ورش من طريق الأزرق بالفتح كالباقين وبالتّقليل، وبه قرأ الدّوري عن أبي عمرو.