(٢) والمعنى: أنّ التذكير التام، الذي فيه التفصيل والاستطراد، إنما يكون لمن ينتفع ويتقبل. وعلى هذا؛ فالذي ينبغي للعالم والداعية أنْ ينظر في حال من يتكلم عندهم، فإن كانوا مؤمنين يفرحون بالتذكير، فينبغي الإكثار من تذكيرهم وإرشادهم وتعليمهم، ولكن لا يصل إلى إملالهم، وإذا كانوا غير ذلك فلْيقتصر على ما تقوم به الحجة عليهم، باختصار وعدم إطالة وإكثار. قال الشيخ: وَهَذَا التَّامُّ النَّافِعُ يَخُصُّ بِهِ الْمُؤمِنِينَ الْمُنْتَفِعِينَ، فَهُم إذَا آمَنُوا ذَكَّرَهُم بِمَا أَنْزَلَ، وَكُلَّمَا أُنْزِلَ شَيءٌ مِن الْقُرْآنِ ذَكَّرَهُم لهِ وَيُذَكِّرُهُم بمَعَانِيهِ ويذَكِّرُهُم بِمَا نَزَلَ قَبْلَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩)} [المدثر: ٤٩] فَإنَّ هَؤُلَاءِ لَا يُذَكِّرُهُم كَمَا يُذَكِّرُ الْمُؤمِنينَ إذَا كَانَتِ الْحُجَّةُ قَد قَامَتْ عَلَيْهِم وَهُم مُعْرِضُونَ عَن التَّذْكِرَةِ لَا يَسْمَعُونَ .. اهـ. (١٦/ ١٦٣ - ١٦٤)