للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُطْلَقَة مُسْتَقِلَّةً فَإِنَّه: فَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] فَقَالَ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور: ٥٤].

فَإِذَا أَمَرَنَا الرَّسُولُ كَانَ عَلَيْنَا أَنْ نُطِيعَهُ وإِن لَمْ نَعْلَمْ جِهَةَ أَمْرِهِ، وَطَاعَتُهُ طَاعَةُ اللهِ، لَا تَكُونُ طَاعَتُهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ قَطُّ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

وَقَد تَنَازَعَ النَّاسُ فِي أُمُورٍ فَعَلَهَا: هَل هِيَ مِن خَصَائِصِهِ أَمْ لِلْأُمَّةِ فِعْلُهَا؟

كَدُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ إمَامًا بَعْدَ أَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ غَيْرُهُ، وَكَتَرْكِهِ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَالِّ وَالْقَاتِل (١).

وَأَيْضًا: فَإِذَا فَعَلَ فِعْلًا لِسَبَب وَقَد عَلِمْنَا ذَلِكَ السَّبَبَ أَمْكَنَنَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِ فِيهِ.

فَاَمَّا إذَا لَمْ نَعْلَم السَّبَبَ، أَو كانَ السَّبَبُ أَمْرًا اتِّفَاقِيًّا: فَهَذَا مِمَّا يَتَنَازَعُ فِيهِ النَّاسُ: مِثْل نُزُولهِ فِي مَكَانٍ فِي سَفَرِهِ (٢).

وَأيْضًا: فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ يَكُونُ:

أ- تَارَةً فِي نَوْعِ الْفِعْلِ.

ب- وَتَارَةً فِي جِنْسِهِ.

فَإِنَّهُ قَد يَفْعَلُ الْفِعْلَ لِمَعْنَى يَعُمُّ ذَلِكَ النَّوْعَ وَغَيْرَهُ، لَا لِمَعْنَى يَخُصُّهُ، فَيَكُونُ الْمَشْرُوعُ هُوَ الْأَمْر الْعَامّ (٣).

مِثَالُ ذَلِكَ: احْتِجَامُهُ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ لِحَاجَتِهِ إلَى إخْرَاجِ الدَّمِ الْفَاسِدِ، ثُمَّ التَّأَسّي هَل مَخْصُوصٌ بِالْحِجَامَةِ، أَو الْمَقْصُودُ إخْرَاجُ الدَّمِ عَلَى الْوَجْهِ النَّافِعِ؟ (٤).


(١) الراجح أنها للأمة، لمعرفتنا بالسبب.
(٢) ذهب شيخ الإسلام إلى أنه إذَا فَعلَ - صلى الله عليه وسلم - الشّيءَ اتِّفاقًا لمْ يُشْرع لنَا أنْ نَقْصِد ما لمْ يَقْصدْهُ.
(٣) وهذا الباب يدخل في مقاصد الشريعة، والشيخ رحمه الله رجح في هذا الباب ألا يُنظر إلى خصوص النوع، بل الْمَشروعُ هُو الْأمرُ العالم.
(٤) الثاني هو الذي رجحه الشيخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>