أ- إمَّا بَيْنَ حَسَنَتَيْنِ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ فَتُقَدَّمُ أَحْسَنُهُمَا بِتَفْوِيتِ الْمَرْجُوحِ.
ب- وَإِمَّا بَيْنَ سَيِّئَتَيْنِ لَا يُمْكِنُ الْخُلُوُّ مِنْهُمَا؛ فَيَدْفَعُ أَسْوَأَهُمَا بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا.
ج- وَإِمَّا بَيْنَ حَسَنَةٍ وَسَيِّئَةٍ لَا يُمْكِنُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا؛ بَل فِعْلُ الْحَسَنَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِوُقُوعِ السَّيِّئَةِ، وَتَرْكُ السَّيِّئَةِ مُسْتَلْزِمٌ لِتَرْكِ الْحَسَنَةِ، فَيُرَجَّحُ الْأَرْجَحُ مِن مَنْفَعَةِ الْحَسَنَةِ وَمَضَرَّةِ السَّيِّئةِ.
فَالْأَوَّلُ: كَالْوَاجِبِ وَالْمُسْتَحَبِّ؛ وَكَفَرْضِ الْعَيْنِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ؛ مِثْل تَقْدِيمِ قَضَاءِ الدَّيْنِ الْمُطَالَبِ بِهِ عَلَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ.
وكَتَقْدِيمِ نَفَقَةِ الْأَهْلِ عَلَى نَفَقَةِ الْجِهَادِ الَّذِي لَمْ يَتَعَيَّنْ؛ وَتَقْدِيمِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ عَلَيْهِ.
وَالثانِي: كَتَقْدِيمِ الْمَرْأَةِ الْمُهَاجِرَةِ لِسَفَرِ الْهِجْرَة بِلَا مَحْرَمٍ عَلَى بَقَائِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ، كَمَا فَعَلَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ الَّتِي أَنْزَلَ اللهُ فِيهَا آيَةَ الِامْتِحَانِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: ١٠] وَكَتَقْدِيمِ قَتْلِ النَّفْسِ عَلَى الْكُفْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: ٢١٧] فَتُقْتَلُ النُّفُوسُ الَّتِي تَحْصُلُ بِهَا الْفِتْنَةُ عَنِ الْإِيمَانِ؛ لأنَّ ضَرَرَ الْكُفْرِ أعْظَمُ مِن ضَرَرِ قَتْلِ النَّفْسِ.
وَكَذَلِكَ فِي "بَابِ الْجِهَادِ" وإِن كَانَ قَتْلُ مَن لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَغَيْرِهِمْ حَرَامًا، فَمَتَى اُحْتِيجَ إلَى قِتَالٍ قَد يَعُمُّهُمْ، مِثْلُ: الرَّمْيُ بِالْمَنْجَنِيقِ، وَالتَّبْيِيتُ بِاللَّيْلِ، جَازَ ذَلِكَ كَمَا جَاءَت فِيهَا السُّنَّةُ فِي حِصَارِ الطَّائِفِ وَرَمْيِهِمْ بِالْمَنْجَنِيقِ وَفِي أَهْلِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَبِيتُونَ، وَهُوَ دَفْعٌ لِفَسَادِ الْفِتْنَةِ أَيْضًا بِقَتْلِ مَن لَا يَجُوزُ قَصْدُ قَتْلِهِ.
وَكَذَلِكَ "مَسْأَلَةُ التَّتَرُّسِ" الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ؛ فَإِنَّ الْجِهَادَ هُوَ دَفْعُ فِتْنَةِ الْكُفْرِ فَيَحْصُلُ فِيهَا مِنَ الْمَضَرَّةِ مَا هُوَ دُونَهَا؛ وَلهَذَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ مَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute