وأما إذا كان أربعة برد فهذا الذي يحل فيه قصر الصلاة -على ما ذهب إليه الجمهور من تقسيم السفر إلى سفر طويل وقصير-. والشيخ يرجح أن السفر مطلق، ليس منه القصير والطويل، بل متى ثبت السفر فإن القصر يكون مشروعًا ولا فرق بين السفر الطويل والقصير. قال ابن القيِّم: "لَمْ يَحُدَّ - صلى الله عليه وسلم - لِأُمَّتِهِ مَسَافَةَ مَحْدُودَةً لِلْقَصْرِ وَالْفِطْرِ، بَل أَطْلَقَ لَهُم ذَلِكَ فِي مُطْلَقِ السَّفَرِ وَالضَّرْب فِي الْأَرْضِ، كَمَا أطْلَقَ لَهُمُ التَّيَمُّمَ فِي كُلِّ سَفَر". زاد المعاد (١/ ٤٦٣). وعلى هذا: فلَو سافر رجل إلى قرية قريبة لا تبعد أكثر من (٤٠ كيلو) وعزم على النوم فيها، فسفره هذا على رأي الجمهور قصير، لا يترخص برخص السفر، وعلى رأي شيخ الإسلام لا يُطلَق عليه سفر قصير، بل يعتبر الرجل مسافرًا ويترخص برخص السفر كلها. (١) يعني: أن الإمام أحمد نص على جواز الجمع في غير السفر لمجرد الشغل والحاجة، فإذا سافر سفرًا قصيرًا -على رأي الفقهاء- واحتاج للجمع فهو أولى. (٢) ينبغي أنْ يُعلم أنّ الجمع رخصة لا سُنَّة، وهذا ما أكده الشيخ -رحمه الله-، قال ابن القيِّم: "الجمع ليس سُنَّة راتبة كما يعتقد أكثر المسافرين أن سُنَّة السفر الجمع سواء وجد عذر أو لم يوجد، بل الجمع رخصة، والقصر سُنَّة راتبة، فسنة المسافر قصر الرباعية سواء كان له عذر أو لم يكن، وأما جمعه بين الصلاتين فحاجة ورخصة، فهذا لون وهذا لون". الوابل الصيب (ص ١٤). وهل يشترط للجمع الجدّ في السير؛ أي: يكون المسافر سائرًا في الوقتين المشتركين؟ اتفق القائلون بجواز الجمع في السفر بأن الجمع جائز في حال انتقال المسافر وقطعه للطريق في وقت الصلاة. واختلفوا في حكم جمع الصلاة للمقيم في بلد إقامةٍ يقصر فيها الصلاة على قولين: فذهب الإمام مالك -وظاهر كلام ابن تيمية-: إلى أن الجمع لا يجوز إلا لمن جد به السير. المدونة (١/ ٢٠٥)، المبدع (٢/ ١٢٥)، الوابل الصيب (ص ١٤)، مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٦٠، ٢٢/ ٢٩٠) لحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين المغرب والعشاء إذا جد به السير". البخاري (١٠٥٥)، مسلم (٧٠٣). =