للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِعَرَفَةَ، وَتَارَةً يَجْمَعُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَمَا جَمَعَ بمزدلفة وَفِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَتَارَةً يَجْمَعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي وَسَطِ الْوَقْتَيْنِ .. ؛ لِأَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْوَقْتَ عِنْدَ الْحَاجَةِ مُشْتَرَكٌ، وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّوَسُّطُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، فَفِي عَرَفَةَ وَنَحْوِهَا يَكُونُ التَّقْدِيمُ هُوَ السُّنَّةَ.

وَكَذَلِكَ جَمْعُ الْمَطَرِ: السُّنَّةُ أَنْ يَجْمَعَ لِلْمَطَرِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ، حَتَى اخْتَلَفَ مَذْهَبُ أَحْمَد: هَل يَجُوز أَنْ يَجْمَعَ لِلْمَطَرِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ؟ [٢٤/ ٣٨ - ٥٦]

٢٨٠٧ - عَن أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَل أَخْبَرَهُمْ، "أَنَّهُم خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَأخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا" (١).

قُلْت: الْجَمْعُ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ:

أ - إذَا كَانَ سَائِرًا فِي وَقْتِ الْأولَى فَإِنَّمَا يَنْزِلُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ: فَهَذَا هُوَ الْجَمْعُ الَّذِي ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِن حَدِيثِ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ نَظِيرُ جَمْعِ مُزْدَلِفَةَ.

ب - إذَا كَانَ وَقْتَ الثَّانِيَةِ سَائِرًا أَو رَاكِبًا: فَجَمَعَ فِي وَقْتِ الْأولَى، فَهَذَا نَظِيرُ الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ.

ج- إذَا كَانَ نَازِلًا فِي وَقْتِهِمَا جَمِيعًا نُزُولًا مُسْتَمِرًّا: فَهَذَا مَا عَلِمْت رُوِيَ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَيْهِ إلا حَدِيثَ مُعَاذٍ هَذَا؛ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ كَانَ نَازِلًا فِي خَيْمَةٍ فِي السَّفَرِ، وَأَنَّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا.


(١) رواه أبو داود (١٢٠٦)، والنسائي (٥٨٧)، وصحَّحه الألبانيّ.
قَالَ أبو عمر ابن عبد البَرّ رَحِمهُ اللهِ: ليس في حديث ابن عُمَرَ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أنَّ الْمُسَافِرَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلا أنْ يَجِدَّ بِهِ السَّيْرُ بِدَلِيلِ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي سَفَرِهِ إِلَى تَبُوكَ نَازِلًا غَيْرَ سَائِرٍ. اهـ. التمهيد (٢/ ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>