لكن صح الجمع للمسافر النازل في غزوة تبوك وفي غيرها، وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين رَحِمهُ اللهُ بعض الأحاديث الدالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين في السفر وهو نازل، ثم قال: "وظاهر هذه الأحاديث أنه كان يجمع بين الصلاتين وهو نازل، فإما يكون ذلك لبيان الجواز، أو أن ثمة حاجة إلى الجمع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجمع في حجته حين كان نازلًا بمنى. وعلى هذا فنقول: الأفضل للمسافر النازل أن لا يجمع، وإن جمع فلا بأس، إلا أن يكون في حاجة إلى الجمع، إما لشدة تعبه ليستريح، أو لمشقة طلب الماء عليه لكل وقت، ونحو ذلك، فإن الأفضل له الجمع، واتباع الرخصة". اهـ. مجموع الفتاوى (١٢/ ٢٥٢). وقال الشيخ ابن باز رَحِمهُ اللهُ: "المسافر المقيم (يعني: النازل في مكان) مخير إن شاء جمع جمع تأخير وإن شاء جمع جمع تقديم، والأفضل له أن يصلي كل صلاة في وقتها كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في منى في حجة الوداع، فإنه كان يصلي كل صلاة في وقتها؛ لأنه مقيم فإن دعت الحاجة إلى الجمع فلا حرج؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع في غزوة تبوك وهو مقيم". اهـ. مجموع فتاوى ابن باز (١٢/ ٢٨١، ٢٨٢). قال البيهقي رَحِمهُ اللهُ: وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعُذْرِ السَّفَرِ مِنَ الْأمُورِ الْمَشْهُورَةِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِيمَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أَجْمَعِينَ. اهـ. سنن البيهقي (٥٥٣٦). وعلى هذا، فالمسافر مخير بين الجمع بين الصلاتين أو فعل كل صلاة في وقتها، والأفضل له أن لا يجمع إلا إذا كان عليه مشقة في فعل كل صلاة في وقتها. وينبغي التنبيه إلى أن السفر لا يُسقط صلاة الجماعة في المسجد لمن سمع النداء ولا مشقة عليه، وقد رخص بعض العلماء للمسافر إذا لم يكن لوحده أن يصلي في بيته.