يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِن الْعُمْرَةِ، لَا مِن مَكَّةَ وَلَا غَيْرِهَا؛ بَل يَجْعَلُ بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ مُدَّةً، وَلَو أَنَّهُ مِقْدَارُ مَا يَنْبُتُ فِيهِ شَعْرُهُ وَيُمْكِنُهُ الْحِلَاقُ، وَهَذَا لِمَن يَخْرُجُ إلَى مِيقَاتِ بَلَدِهِ وَيَعْتَمِرُ.
وَأَمَّا الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ: فَكثْرَةُ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ أَفْضَلُ لَهُ مِن الْعُمْرَةِ الْمَكِّيَّةِ، كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَ إذَا كَانُوا مُقِيمِينَ بِمَكَّةَ، كَانُوا يَسْتَكْثِرُونَ مِن الطَّوَافِ وَلَا يَعْتَمِرُونَ عُمْرَةً مَكِّيَّةً، فَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ اسْتَحَبُّوا الْإِفْرَادَ كَعُمَر بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا اسْتَحَبُّوا أَنْ يُسَافِرَ سَفَرًا آخَرَ لِلْعُمْرَةِ؛ لِيَكونَ لِلْحَجِّ سَفَرٌ عَلَى حِدَةٍ وَللْعُمْرَةِ سَفَرٌ عَلَى حِدَةٍ.
وَأَحْمَد وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمَا اتَّبَعُوا الصَّحَابَةَ فِي ذَلِكَ وَاسْتَحَبُّوا هَذَا الْإِفْرَادَ عَلَى التَّمَتُّعِ وَالْقِرَآنِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ: فَأَيُّ الْعُمْرَةِ عِنْدَك أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَفْضَلُ الْعُمْرَةِ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ كَمَا قَالَ عُمَرُ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَتَمُّ لِحَجِّكُمْ وَأَتَمُّ لِعُمْرَتِكُمْ أَنْ تَجْعَلُوهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ. [٢٦/ ٤٥ - ٤٦]
٣١٧٦ - الْإِكْثَارُ مِن الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ مِنَ الْأعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَهُوَ أَفْضَلُ مِن أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ مِن الْحَرَمِ وَيَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ مَكِّيَّةٍ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَكُن مِن أَعْمَالِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلينَ مِن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَلَا رَغَّبَ فِيهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِأُمَّتِهِ بَل كَرِهَهُ السَّلَفُ. [٢٦/ ١٤٥]
٣١٧٧ - يَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ الْكعْبَةَ فِي حَجَّةٍ أو عُمْرَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَ دُخُولُهُ الْكَعْبَةَ عَامَ الْفَتْحِ لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ دَخَلَهَا فِي حَجَّةٍ وَلَا عُمْرَةٍ. [٢٦/ ٦٨]
٣١٧٨ - لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَ الْحَجِّ أَحَدٌ مِمَن كَانَ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- إلَّا عَائِشَةَ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَت قَد حَاضَتْ فَلَمْ يُمْكِنْهَا الطَّوَافُ؛ لِأَنَّ النَبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute