للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٥١١ - مَسْألَة السّفْتجَة (١): كَرِهَهَا مَن كَرِهَهَا، وَالصَّحِيحُ أنَّهَا لَا تُكْرَهُ؛ لِأنَّ الْمُقْتَرِضَ يَنْتَفِعُ بِهَا أَيْضًا، فَفِيهَا مَنْفَعَةٌ لَهُمَا جَمِيعًا إذَا أقْرَضَهُ.

٣٥١٢ - التَّحْقِيقُ: أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَرَفَا الْمَقْصُودَ انْعَقَدَتْ [أي: الإجارة]، فَأَيُّ لَفْظٍ مِنَ الْأَلْفَاظِ عَرَفَ بِهِ الْمُتَعَاقِدَانِ مَقْصُودَهُمَا انْعَقَدَ بِهِ الْعَقْدُ.

وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ، فَإنَّ الشَّارعَ لَمْ يَحُدَّ فِي أَلْفَاظِ الْعُقُودِ حَدًّا؛ بَل ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً، فَكَمَا تَنْعَقِدُ الْعُقُودُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْفَارِسِيَّةِ وَالرُّومِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْأَلْسُنِ الْعَجَمِيَّةِ: فَهِيَ تَنْعَقِدُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ، وَلهَذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ وَالْعِتَاقُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَغَيْرُهُ.

وَطَردُ هَذَا النِّكَاح، فَإنَّ أَصَحَّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظ يَدُلُّ عَلَيْهِ، لَا يَخْتَصُّ بِلَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ، وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَأبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ؛ بَل نُصُوصُهُ لَمْ تَدُلُّ إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

٣٥١٣ - الشَّارعُ أَمَرَ الْإِنْسَانَ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعَقْدَ عَلَى الْأَعْيَانِ الَّتِي لَمْ تُخْلَقْ إلَى أَنْ تُخْلَقَ، فَنَهَى عَن بَيْعِ السِّنِينَ (٢)، وَبَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ، وَبَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَعَن بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ.

٣٥١٤ - لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ؛ بَل وَلَا عَن أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ بَيْعَ الْمَعْدُومِ لَا يَجُوزُ، لَا لَفْظٌ عَامٌّ وَلَا مَعْنًى عَامٌّ، وَإِنَّمَا فِيهِ النَّهْيُ عَن بَيْعِ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ مَعْدُومَةٌ، كَمَا فِيهِ النَّهْيُ عَن بَيْعِ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي هِيَ


(١) هي: أن يقترض شخص من آخر قرضًا، ويشترط المقرض على المقترض أن يقضيه في بلد آخر ليستفيد ضمان وصول المال ويأمن خطر الطريق.
(٢) قال الخطابي - رحمه الله -: هو أن يبيع الرجل ما تثمره النخلة أو النخلات بأعيانها سنين ثلاثًا أو أربعًا أو أكثر منها، وهذا غرر؛ لأنه بيع شيء غير موجود ولا مخلوق حال العقد، ولا يُدْرى هل يكون ذلك أم لا، وهل يثمر النخل أم لا، وهذا في بيوع الأعيان، وأما في بيوع الصفات فهو جائز؛ مثل أن يسلف في شيء إلى ثلاث سنين أو أربع أو أكثر.

<<  <  ج: ص:  >  >>