للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَوْجُودَةٌ، وَلَيْسَتِ الْعِلَّةُ فِي الْمَنْعِ لَا الْوُجُودَ وَلَا الْعَدَمَ؛ بَل الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَن بَيْعِ الْغَرَرِ.

وَالْغَرَرُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا أَو مَعْدُومًا؛ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا قَد لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ؛ بَل قَد يَحْصُلُ وَقَد لَا يَحْصُل هُوَ غَرَرٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَإِن كَانَ مَوْجُودًا، فَإِنَّ مُوجَبَ الْبَيْعِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ، وَالْبَائِعُ عَاجِزٌ عَنْهُ، وَالْمُشْتَرِي إنَّمَا يَشْتَرِيهِ مُخَاطَرَةً وَمُقَامَرَةً، فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَخْذُهُ كَانَ الْمُشْتَرِي قَد قَمَرَ الْبَائِعَ، وإِن لَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُهُ كَانَ الْبَائِعُ قَد قَمَرَ الْمُشْتَرِيَ.

وَهَكَذَا الْمَعْدُومُ الَّذِي هُوَ غَرَرٌ نَهَى عَن بَيْعِهِ لِكَوْنِهِ غَرَرًا لَا لِكَوْنِهِ مَعْدُومًا.

٣٥١٥ - النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - جَوَّزَ بَيْعَ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مُسْتَحِقٌّ الْإِبْقَاءَ إلَى كَمَالِ الصَّلَاحِ، وَعَلَى الْبَائِعِ السَّقْيُ وَالْخِدْمَةُ إلَى كَمَالِ الصَّلَاحِ، وَيَدْخلُ فِي هَذَا مَا هُوَ مَعْدُومٌ لَمْ يُخْلَقْ، وَهَذَا إذَا قُبِضَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، فَقَبْضُهُ (١) يُبِيحُ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ فِي أظْهَرِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَدَ، وَقَبْضُهُ لَا يُوجِبُ انْتِقَالَ الضَّمَانِ إلَيْهِ، بَل إذَا تَلِفَ الثَّمَرُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ كَانَ مِن ضَمَانِ الْبَائعِ (٢).

وَقَد ثَبَتَ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "إنْ بِعْت مِن أَخِيك ثَمَرَةً فَاَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَأخُذَ مِن مَالِ أَخِيك شَيْئًا، بِمَ يَأخُذُ أحًدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ ".

وَلَيْسَ مَعَ الْمُنَازعِ دَلِيل شَرْعِيٌّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَبْضٍ جَوَّزَ التَّصَرُّفَ يَنْقُلُ الضَّمَانَ وَمَا لَمْ يُجَوِّزْ التَّصَرُّفَ لَمْ يَنْقُلِ الضَّمَانَ؛ بَل قَبْضُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ يُجَوِّزُ


(١) أي: قبضُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صلَاحِه.
(٢) إلا إذا كان المشتري تأخر عن موعد تسليم الثمر وفرط في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>