للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يَبِيعَ عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ؛ لِأنَّهُ حَقٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ فَقَبِلَ النِّيَابَةَ، فَقَامَ ذُو السُّلْطَانِ فِيهِمْ مَقَامَهُ؛ كَمَا يَقُومُ فِي تَوْفِيَةِ الدَّيْنِ وَتَزْوِيجِ الْأيِّمِ مِن كُفْئِهَا إذَا طَلَبَتْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَكُلُّ مَن وَجَبَ عَلَيْهِ أَدَاءُ مَالٍ إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَدَاؤُهُ إلَّا بِالْبَيْعِ صَارَ الْبَيْعُ وَاجِبًا يُجْبَرُ عَلَيْهِ ويُفْعَلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.

وَمِثَالُ الثَّانِي: الْمُضْطَرُّ إلَى طَعَامِ الْغَيْرِ إذَا بَذَلَهُ لَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى الْقِيمَةِ، فَإنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ وَأَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ، فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُمَا أجْبِرَ عَلَيْهِمَا، وَإِن بَذَلَ أَحَدُهُمَا أُجْبِرَ الْآخَرُ.

حَتَّى إنَّهُ لَو امْتَنَعَ عَن بَذْلِ الطَّعَامِ فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَاتِلِ عَن نَفْسِهِ.

وَأَمَّا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ: فَنَهْيُهُ -صلى الله عليه وسلم- عَن أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ لِمَا فِيهِ مِن إضْرَارِ الْمُشْتَرِي إذَا تَوَكَّلَ الْحَاضِرُ لِلْقَادِمِ بِسِلْعَتِهِ فِي الْبَيْعِ مَعَ حَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا.

٣٥٢٣ - ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِن الْعُلَمَاءِ مِن أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ أُصُولَ الصِّنَاعَاتِ كَالْفِلَاحَةِ وَالْحِيَاكَةِ وَالْبِنَايَةِ: فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَالتَّحْقِيقُ: أَنَّهَا فَرْضٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَأَمَّا مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا فَلَا تَجِبُ.

٣٥٢٤ - الَّذِي يُكْرَهُ مِن شِرَاءِ الأرْضِ الخراجية: إنَّمَا كَانَ لِأنَّ الْمُشْتَرِيَ يَشْتَرِيهَا فَيَرْفَعُ الْخَرَاجَ عَنْهَا وَذَلِكَ إسْقَاطٌ لِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ كَمَا كَانُوا أَحْيَانًا يَقْطَعُونَ بَعْضَهَا لِبَعْضِ الْمُحَارِبِينَ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ، لَا إقْطَاعَ اسْتِغْلَالٍ كَإِقْطَاعِ الْمَوَاتِ، فَهَذَا الِانْتِفَاعُ وَالْإِقْطَاعُ يُسْقِطُ حَقَّ الْمُسْلِمِينَ مِن الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالْخُلَفَاءُ أَخَذُوهُ مِن الْغُزَاةِ لِتَكُونَ مَنْفَعَتُهُ دَائِمَةً لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا قُطِعَتْ مَنْفَعَتُهُ عَن الْمُسْلِمِينَ صَارَ ظُلْمًا لَهُمْ.

فَاَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا وَعَلَيْهِ مِن الْخَرَاجِ مَا عَلَى الْبَائِعِ: فَهُوَ كَمَا لَو وَلَّاهُ إيَّاهَا بِلَا حَقّ، وَكَمَا لَو وَرِثَهَا؛ فَإِنَّ الْإِرْثَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ: أَنَّ الْوَارِثَ أَحَقُّ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>