للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ بِمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ (١).

وَإِن بَاعَهُ بِغَيْرِهِمَا (٢): فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِهِمَا (٣).

وَالثَّانِي: يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْقَبْضِ نَسِيئَةٌ كَبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ.

وَلهَذَا: لَو حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي غَد، فَأَعْطَاهُ عِوَضًا: بَرَّ فِي يَمِينِهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، فَنَهْيُهُ عَن بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ يُرِيدُ بِهِ بَيْعَهُ مِن غَيْرِ الْبَائِعِ (٤).

وَأَيْضًا: فَبَيْعُهُ مِن الْبَائِعِ يُشْبِهُ الْإِقَالَةَ، وَفِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ: تَجُوزُ الْإِقَالَة فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَالْإِقَالَةُ هَل هِيَ فَسْخٌ أَو بَيْعٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَن أَحْمَد (٥).

فَعُلِمَ أَنَّ الْأَمْرَ فِي دَيْنِ السَّلَمِ أَخَفُّ مِنْهُ فِي بَيْعِ الْأعْيَانِ، حَيْثُ كَانَ الْأَكْثَرُونَ لَا يُجَوِّزُونَ بَيْعَ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِن قَبْضِهِ، ويُجَوِّزُونَ الْإِقَالَةَ فِي دَيْنِ السَّلَمِ.


= وقال: إذا باعها بأقل فقد زاد المدين خيرًا، وإن باعها بأكثر فقد ربح فيما لم يدخل في ضمانه، وهذا حرام ولا يجوز. الشرح الممتع (٨/ ٣٧٨ - ٣٧٩).
(١) أي: يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ مِمَن هُوَ عَلَيْهِ بثمنٍ مؤجل، بالشرطين السابقين.
ومعنى العبارة: إنْ بَاعَ الدَّيْن على منْ هُوَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً، أو بَاعَهُ بمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ: اشْتُرِطَ قَبْضُ عِوَضِهِ فِي الْمَجْلِسِ.
قال في الإنصاف (٥/ ١١١): (بِلَا نِزَاعٍ).
مثال البيع بِمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ: باع زيدٌ على عمروٍ سيارةً بعشرة آلاف ريال إلى سنة، فلما حل الأجل لم يكن المال حاضرًا عند عمروٍ، فباع عليه العشرة آلاف ببعيرٍ عنده إلى سنة؛ أي: قال له: بعد سنة تأخذ البعير.
وهذا ما يُسمى بفسخ الدين بالدين، وعبر عنه شيخ الإسلام بـ (الساقط بالواجب)، فسقط الدين (العشرة آلاف) ووجب عوضه: البعير.
(٢) أي: مِمَّا لَا يُبَاعُ بهِ نَسِيئَةً، أو بمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ مِمَّا لَا يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ.
مِثْلُ: مَا لَو قَالَ المُسِلم للمسلَم إليه حين حلَّ أجلُ قبضِ ثمر نخله ولم يُنتج النخل: بعْتُك ثمر النخل الَّذي فِي ذِمَّتِك بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، أو بسيارتك.
(٣) وهو الأرجح.
(٤) هذا مِن حُجج الوجه الأول.
(٥) الراجح أنها فسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>