والمقصود الأعظم: بيان فساد ظن الظان أنه بدون المحلل قمار وبالمحلل يزول القمار.
فقولهم: إن القمار هو المتردد بين أن يغنم أو يغرم فقط: ليس بمستقيم؛ بل عندهم: وإن تردد بين أن يغنم أو يغرم أو يسلم فهو أيضًا قمار، وهذا موجود مع المحلل؛ فإن كلًّا منهما يتردد بين أن يغنم إن غَلب، وبين أن يغرم إن غُلب، وبين أن يسلم إن جاءا معًا، أو جاء هو ورفيقه معًا؛ فالمخاطرة فيها موجودة مع المحلل، وبدون المحلل؛ بل زادت بدخوله فتبين أن المعنى لم يزل بدخول المحلل، بل ازداد مفسدة.
ومن تبين حقيقة هذه المسألة: تبين له أن من رأى أنه حرام ولو مع المحلل فقوله أصح على ما ظنوه.
وأما إذا تقرر أن تحريم الميسر لِمَا نصَّ الله تعالى على أنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله عزَّ وجلَّ وعن الصلاة، وقد يشتد تحريمه لما فيه من أكل المال بالباطل، والمسابقة التي أمر الله بها ورسوله لا تشتمل لا على هذا الفساد ولا على هذا: فليست من الميسر، وليس إخراج السبق فيها مما حرَّمه الله ورسوله، ولا من القمار الداخل في الميسر؛ فإن لفظ القمار المحرم ليس في القرآن، إنما فيه لفظ الميسر، والقمار داخل في هذا الاسم، والأحكام الشرعية يجب أن تتعلق بكلام الله ورسوله ومعناه.
فلينظر في دلالة ألفاظ القرآن والحديث، وفي المعاني والعلل، والحِكم والأسباب التي علَّق الشارع بها الأحكام، فيكون الاستدلال بما أنزل الله من الكتاب والميزان.
والقياس الصحيح الذي يسوِّي بين المتماثلين ويفرق بين المختلفين: هو العدل وهو الميزان.