للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وذلك أن المسابقة والمناضلة عمل صالح يحبه الله ورسوله، وقد سابق النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الخيل، وكان أصحابه يتناضلون، ويقول لهم: "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا".

وما كان كذلك فليس من الميسر الذي حرمه الله؛ بل هو من الحق، كما قال: "كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل إلا رميه بقوسه أو تأديبه فرسه أو ملاعبته لامرأته فإنهن من الحق" (١).

وحينئذٍ فأكل المال بهذه الأعمال: أكل بالحق لا بالباطل، كما قال -صلى الله عليه وسلم- في حديث الرقية: "لعمري لَمَن كل برقية باطل لقد كلتَ برقية حق" (٢) فجعل كون العمل نافعًا لا يُنهى عنه، بل إذا أكل به المال فقد أكل بحق، وهنا هذا العمل نافع للمسلمين مأمور به لم ينه عنه.

فالمعنى الذي لأجله حَرَّم الله الميسر: أكلُ المال بالقمار، وهو أن يأكل بالباطل، وهذا أكْلٌ بالحق.

وأما المخاطرة: فليس في الأدلة الشرعية ما يوجب تحريم كل مخاطرة؛ بل قد عُلم أن الله ورسوله لم يحرما كل مخاطرة (٣)، ولا كل ما كان مترددًا بين أن يغنم أو يغرم أو يسلم، وليس في أدلة الشرع ما يوجب تحريم جميع هذه الأنواع لا نصًّا ولا قياسًا.

ولكن يحرم من هذه الأنواع ما يشتمل على أكل المال بالباطل، والموجب للتحريم عند الشارع: أنه أكل مال بالباطل، كما يحرم أكل المال بالباطل وإن لم يكن مخاطرة، لا أن مجرد المخاطرة محرم؛ مثل المخاطرة


(١) رواه الترمذي (١٦٣٧)، وابن ماجه (٢٨١١)، والدارمي (٢٤٤٩)، وأحمد (١٧٣٠٠)، وضعَّفه الألباني في ضعيف الترمذي.
(٢) رواه أبو داود (٣٤٢٢)، وصحَّحه الألباني.
(٣) فالبيع فيه مخاطرة وتردد بين الغنم والغرم في كثير من الأحيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>