على اللعب بالنرد والشطرنج لِمَا فيه من أكل المال بالباطل، وهو ما لا نفع فيه له ولا للمسلمين.
فلو جعل السلطان أو أجنبي مالًا لمن يغلب بذلك [لما](١) جاز وإن لم يكن هناك مخاطرة، وكذلك لو جعل أحدهما جعلًا، وكذلك لو أدخلا محللًا، فعلم أن ذلك لم يحرم لأجل المخاطرة، لا سيما وجمهور العلماء يحرمون هذا العمل، وإن خلا عن عوض.
وأما أخذُ العوض في المسابقة والمصارعة: فهذه الأعمال لم تُجعل في الأصل لعبادة الله تعالى وطاعته وطاعة رسوله؛ فلهذا لم يحض الشارع عليها ولا رغب فيها، وإنما يُقصد بها في الغالب راحة النفوس، أو الاستعانة على المباحات، فأباحها الشارع لعدم الضرر الراجح، ولم يأمر بها ولا رغب فيها؛ لأنها ليست مما يحتاجه المسلمون، ولا يتوقف قيام الدين عليها؛ كالرمي والركوب، ولو خَلِي المسلمون عن مصارع ومسابق على الأقدام: لم يضرهم لا في دينهم ولا في دنياهم، بخلاف ما لو خَلَوا عن الرمي والركوب لغلب الكفار على المسلمين؛ ولهذا لم يدخل فيها السَّبَق.
ألا ترى أن للإمام أن يخرج جعلًا لمن يرمي، ولا يحل له أن يخرجه لمن يصارع؟
وإذا عُرف هذا: غرف أن مجرد المخاطرة ليس مقتضيًا لتحريم المسألة، وانكشفت، وظهرت، وعُرف أنَّ الصواب: أنْ يُعْرَفَ مرادُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أقواله وحكمه وعلله التي علق بها الأحكام؛ فإن الغلط إنما ينشأ عن عدم المعرفة بمراده -صلى الله عليه وسلم-.
والمخاطرة مشتركة بين كل من المتسابقين؛ فإن كلًّا يرجو أن يغلب الآخر ويخاف أن يغلبه، فكان ذلك عدلًا وإنصافًا بينهما كما تقدم.