وبين أهل مكة صلح الحديبية لما شرط عليهم أن يرد المسلمون من جاءهم مسلمًا، وأن لا يرد أهل مكة من ذهب إليهم مرتدًّا، فهاجر نسوة كأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، فنسخ الله تعالى الرد في النساء، وأمر برد المهر عوضًا عن رد المرأة، فذلك قوله تعالى:{وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} فأمر أن يؤتي الأزواجُ الكفار ما أنفقوا على المرأة الممتحنة التي لا ترد، والذي أنفقوا هو المسمى {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} فشرع للمؤمنين أن يسألوا الكفار ما أنفقوا على النسوة اللاتي ارتددن إليهم، وأن يسأل الكفار ما أنفقوا على النساء المهاجرات، فلما حكم اللّه سبحان وتعالى بذلك دل على أن خروج البضع متقوم، وأنه بالمهر المسمى، ودلت الآية على أن المرأة إذا أفسدت نكاحها رجع عليها زوجها بالمهر.
فإذا حلف عليها فخالفته وفعلت المحلوف عليه: كانت عاصية ظالمة متلفة للبضع عليه، فيجب عليها ضمانه: إما بالمسمى على أصح قولي العلماء، وإما بمهر المثل.
يوضح ذلك: ما كان من امرأة قيس بن شماس حين أبغضته وقالت: إني أكره الكفر بعد الإيمان فأمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترد عليه حديقته؛ لأن الفرقة جاءت من جهتها.
فتبين أنه يجوز أن يأخذ صداقها إذا كان سبب الفرقة من جهتها.
وهذا كله يقرر أنه يجوز أن يَرجع إليه الصداق، إذا فعل ما يوجب الضمان مثل: ما إذا أفسدته عليه بالهجرة، أو الردة. [المستدرك ٥/ ٣٧ - ٣٩]
٤٧١٢ - إذا حلف بالطلاق الثلاث: أن أحدًا من أرحام المرأة لا يطلع إلى بيته، فطلع في غيبته: فإن كان يعتقد أنه إذا حلف عليهم امتنعوا من الصعود فحلف ظنًّا أنهم ممن يطيعونه فتبين الأمر بخلاف ذلك، ففي حنثه نزاع بين العلماء، الأظهر أنه لا يحنث، كمن رأى امرأة يظنها أجنبية فقال: أنت طالق،