أهل البدع، كما قتل الجعد بن درهم، والجهم بن صفوان، وغيلان القدري.
وقتل هؤلاء له مأخذان:
أحدهما: كون ذلك كفرًا؛ كقتل المرتد ردة مجردة أو مغلظة، وهذا المعنى يعم الداعي إليها وغير الداعي، وإذا كفروا فيكون قتلهم من باب قتل المرتد.
والمأخذ الثاني: لما في الدعاء إلى البدعة من إفساد دين الناس، ولهذا كان أصل الإمام أحمد وغيره من فقهاء الحديث وعلمائهم، أنهم يفرقون بين الداعي إلى البدعة وغير الداعي في رد الشهادة، وترك الرواية عنه، والصلاة خلفه، وهجره، ولهذا ترك أصحاب الكتب الستة وأحمد في مسنده الرواية عن مثل عمرو بن عبيد ونحوه، ولم يتركوا الرواية عن القدرية الذين ليسوا بدعاة.
وعلى هذا المأخذ: فقتلهم من باب قتل المفسدين المحاربين؛ لأن المحاربة باللسان كالمحاربة باليد (١).
ويشبه قتلُ المحاربين للسُّنَّة بالرأي: قتلَ المحاربين لها بالرواية، وهو قتل من يتعمد الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما قتل النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كذب عليه في حياته، وهو حديث جيد، لما فيه من تغيير سُنَّته.
وقرر أبو العباس هذا مع نظائر له في "الصارم المسلول، على شاتم الرسول"؛ كقتل الذي يتعرض لحرَمه أو يسبه ونحو ذلك، وكما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتل المفرق بين جماعة المسلمين لما فيه من تفريق الجماعة.
ومن هذا الباب قتل الجاسوس المسلم الذي يخبر العدو بعورات المسلمين.
ومنه الذي يكذب بلسانه أو خطه، أو يأمر بذلك حتى يقتل به أعيان
(١) كمن يُحرض على الخروج على ولي الأمر المسلم، ويدعو إلى عصيانِه وتأجيج الفتن.