مَذْهَبِهِ، وَلَمْ يَكُن لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرَ إلَّا بِلِسَانِ الْعِلْمِ وَالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ، فَيَقُولُ مَا عِنْدَهُ مِن الْعِلْمِ.
وَأَمَّا بِالْيَدِ وَالْقَهْرِ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ إلَّا فِي الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي يُتَحَاكَمُ فِيهَا إلَيْهِ؛ مِثْلُ مَيِّتٍ مَاتَ وَقَد تَنَازَعَ وَرَثَتُهُ فِي قَسْمِ تَرِكَتِهِ، فَيُقَسِّمُهَا بَيْنَهُم إذَا تَحَاكَمُوا إلَيْهِ، وَإِذَا حَكَمَ هُنَا بِأَحَدِ قَوْلَي الْعُلَمَاءِ أَلْزَمَ الْخَصْمَ بِحُكْمِهِ.
وَلَمْ يَكُن لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا لَا أَرْضَى حَتَّى يَحْكُمَ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ. فَإِنَّ الْحَاكِمَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ. [٣٥/ ٣٥٧ - ٣٦٠]
٥٠١٦ - مَا تَنَازَعَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ لَيْسَ لِأَحَد مِن الْقُضَاةِ أَنْ يَفْصِلَ النِّزَاعَ فِيهِ بِحُكْم، وَإِذَا لَمْ يَكُن لِأَحَد مِن الْقُضَاةِ أَنْ يَقُولَ: حَكَمْت بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الصَّحِيحُ، وَأَنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ؛ بَل الْحَاكِمُ فِيمَا تَنَازَعَ فِيهِ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ أو أَجْمَعُوا عَلَيْهِ: قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ آحَادِ الْعُلَمَاءِ إنْ كَانَ عَالِمًا، وَإِن كَانَ مُقَلِّدًا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعَامَّةِ الْمُقَلِّدِينَ.
وَالْمَنْصِبُ وَالْوِلَايَةُ لَا يَجْعَلُ مَن لَيْسَ عَالِمًا مُجْتَهِدًا عَالِمًا مُجْتَهِدًا.
وَلَو كَانَ الْكَلَامُ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ بِالْوِلَايَةِ وَالْمَنْصِبِ: لَكَانَ الْخَلِيفَةُ وَالسُّلْطَانُ أَحَقَّ بِالْكَلَامِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَبِأَنْ يَسْتَفْتِيَهُ النَّاسُ وَيرْجِعُوا إلَيْهِ فِيمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِم فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ.
فَإِذَا كَانَ الْخَلِيفَةُ وَالسُّلْطَانُ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَلْزَمُ الرَّعِيَّةَ حُكمُهُ فِي ذَلِكَ بِقَوْل دُونَ قَوْلٍ إلَّا بِكِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ: فَمَن هوَ دُونَ السُّلْطَانِ فِي الْوِلَايَةِ أَوْلَى بِأَنْ لَا يَتَعَدَّى طُورَهُ.
فَكُلُّ مَن كَانَ أَعْلَمَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْكَلَامِ فِيهَا مِن غَيْرِهِ وَإِن لَمْ يَكُن حَاكِمًا، وَالْحَاكِمُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا كَلَامٌ لِكَوْنِهِ حَاكِمًا؛ بَل إنْ كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ تَكَلَّمَ فِيهَا كَآحَادِ الْعُلَمَاءِ. [٢٧/ ٢٩٦ - ٢٩٧]
٥٠١٧ - لَيْسَ الْمُرَادُ بِالشَّرْعِ اللَّازِمِ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ حُكْمُ الْحَاكِمِ، وَلَو كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute