كما بينه تعالى في قوله:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}[الأنعام: ١٠٢]، والعدل في كل زمان ومكان وفي كل طائفة بحسبها، فيكون الشهيد في كل قوم مَن كان ذا عدل فيهم، وإن كان لو كان في غيرهم لكان عدله على وجه آخر.
وبهذا يمكن الحكم بين الناس، وإلا فلو اعتبر في شهود كل طائفة ألا يشهد عليهم إلا من يكون قائمًا بأداء الواجبات وترك المحرمات كما كان الصحابة -رضي الله عنهم- لبطلت الشهادات كلها أو غالبها.
وقال أبو العباس في موضع آخر: إذا فسر الفاسق في الشهادة بالفاجر وبالمتهم فينبغي أن يفرق بين حال الضرورة وعدمها كما قلنا في الكفار.
وقال أبو العباس في موضع آخر: ويتوجه أن تقبل شهادة المعروفين بالصدق، وإن لم يكونوا ملتزمين للحدود عند الضرورة؛ مثل: الجند، وجفاة البدو، وأهل القرية الذين لا يوجد فيهم عدل.
وله أصول، منها: قبول شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر إذا لم يوجد غيرهم، وشهادة بعضهم على بعض في قول، وشهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال، وشهادة الصبيان فيما لا يطلع عليه الرجال.
ويظهر ذلك بالمحتضر في السفر إذا حضره اثنان كافران واثنان مسلمان يصدقان، وليس بملتزمين للحدود، أو اثنان مبتدعان، فهاذان خير من الكافرين.
والشروط التي في القرآن إنما هي في تحمل الشهادة، لا في الأداء.
وينبغي أن نقول في الشهود ما نقول في المحدثين، وهو أنه من الشهود من تقبل شهادته في نوع دون نوع، أو شخص دون شخص، كما أن في المحدثين كذلك.
ونبأ الفاسق ليس بمردود بل هو موجب للتبيُّن والتثبُّت كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا