للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان عبدُ اللَّهِ بنُ أبي أُمَيَّةَ شديدًا على المسلمِينَ مُخالِفًا مُبغِضًا، وهو الذي قال: ﴿وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ (١) لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا﴾ إلى ﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ﴾ [الإسراء: ٩١ - ٩٣]، وكان شديدَ العَداوةِ لرسولِ اللهِ ، ثمَّ إِنَّه خرَج مُهاجِرًا إلى النبيِّ ، فلَقِيَه بالطَّريقِ بينَ السُّقْيا والعَرْجِ (٢)، وهو يُريدُ مَكَّةَ عامَ الفتحِ، فَتَلَقَّاه فأعرَض عنه رسولُ اللَّهِ مَرَّةً بعدَ مرَّةٍ، فدخَل إلى أختِه وسألَها أنْ تَشْفَعَ له، فشَفَعَتْ له أختُه أمُّ سَلَمةَ، وهي أُختُه لأبيه، فشَفَّعَها رسولُ اللَّهِ فيه، فأسلَم وحَسُنَ إسلامُه، وشهِد مع رسولِ اللهِ فتحَ مَكَّةَ مُسلِمًا، وشهِد حُنَينًا والطَّائِفَ، ورُمِي يومَ الطَّائفِ بسَهْمٍ فقَتَله، ومات يومَئذٍ، وهو الذي قال له المُخَنَّثُ (٣) في بيتِ أمِّ سَلَمَةَ: يا عبدَ اللَّهِ، إِنْ فتَح اللهُ عليكم الطَّائفَ غدًا فإِنِّي أَدُلُّكَ على ابنةِ (٤) غَيْلانَ؛ فَإِنَّها تُقبِلُ بأربعٍ، وتُدبِرُ بثَمانٍ (٥).

وزعَم مُسلِمُ (٦) بنُ الحَجَّاجِ أنَّ عُروَةَ بنَ الزُّبَيرِ روَى عنه أنَّه رأى


(١) قرأ الكوفيون بفتح التاء وضم الجيم مخففًا، وضبطت في ط بفتح الفاء وتشديد الجيم مكسورة، وهي قراءة الباقين، التيسير ص ١١٥.
(٢) العرج: قرية جامعة في وادٍ من نواحي الطائف، مراصد الاطلاع ٢/ ٩٢٨.
(٣) في حاشية خ: "ذكر أبو عمر في التمهيد عن بعض العلماء، أن هيتًا - وهو اسم هذا المخنث - هذا كان مولًى لعبد الله بن أبي أمية"، التمهيد ١٢/ ٣٣٠.
(٤) في خ: "بنت"، وفي م: "امرأة".
(٥) أخرجه مالك ٢/ ٧٦٧، وأحمد ٤٤/ ٩٣ (٦٤٩٠)، والبخاري (٤٣٢٤)، ومسلم (٢١٨٠)، وتمام تخريجه في التمهيد ١٢/ ٣٢٩ وما بعدها.
(٦) في هـ: "مسلمة".