للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَوَّلُ مشاهدِه الخندقُ، وهو الذي أشار بحفرِه، فقال أبو سفيانَ وأصحابُه، إذ رَأَوه: هذه مكيدةٌ ما كانتِ العربُ تَكِيدُها، وقد قيل: إنَّه شهِد بدرًا وأُحُدًا، [إلَّا أنَّه كان عبدًا يومَئِذٍ] (١)، والأكثرُ أَنَّ أَوَّلَ مشاهدِه الخندقُ، ولم يَفُتْه بعدَ ذلك مشهدٌ مع رسولِ اللهِ ، وكان خَيِّرًا فاضِلًا، حَبْرًا عالِمًا، زاهِدًا مُتَقَشِّفًا.

ذكَر هشامُ بنُ حَسَّانَ، عن الحسنِ، قال: كان عطاءُ سلمانَ خمسةَ آلافٍ، وكان إذا خرَج عطاؤُه تَصَدَّقَ به (٢)، ويأكلُ مِن عملِ يدِه، وكانَتْ له عَباءةٌ يَفْتَرِشُ بعضَها ويَلْبَسُ بعضَها (٣).

ذكَر ابنُ وهبٍ وابنُ نافعٍ عن مالكٍ، قال: كان سلمانُ يعملُ الخوصَ بيدِه، فيعيشُ منه، ولا يقبلُ مِن أحدٍ شيئًا، قال: ولم يكنْ له بيتٌ، إنَّما (٤) كان يَستظِلُّ بالجُدُرِ والشجرِ، وإنَّ رجلًا قال له: ألَا أبنِي لك بيتًا تَسكُنُ فيه؟ فقال: ما لي به حاجةٌ، فما زالَ به الرجلُ حتى قال له: إِنِّي أعرِفُ البيتَ الذي يُوافِقُك، قال: فصِفْه لي، قال: أبنِي لك بيتًا إذا أنتَ قُمْتَ فيه أصابَ رأسَك سقفُه، وإن أنتَ مَدَدتَ فيه رِجْلَيك


(١) سقط من: ز ١.
(٢) بعده في هـ: "كان".
(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٤/ ٨٠، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٢١/ ٤٣٤ من طريق هشام به.
(٤) في غ، ف، م: "وإنما".