للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبايَعوه، ورجَع أبو بكرٍ ورجَعتُ معه، قال أبو ذُؤَيبٍ: فشَهِدْتُ الصلاةَ على محمدٍ ، وشَهِدْتُ دفنَه ، ثم أنشَد أبو ذُؤَيبٍ يبكِي النبيَّ :

لمَّا رأيتُ الناسَ في عَسَلانِهم (١) … ما بينَ مَلْحودٍ له ومُضَرَّحِ

مُتَبَادِرِينَ لِشَرْجَعٍ (٢) بأَكُفِّهِمْ … بُضِّ (٣) الرِّقَابِ لفقدِ أبيضَ أَرْوَحِ

فهناكَ صِرْتُ إِلَى الهُمُومِ وَمَن يَبِتْ … جارَ الهمومِ يَبِيتُ غيرَ مُرَوَّحِ

كَسَفَتْ لمَصْرَعِه النُّجُومُ وبَدْرُها … وتَزَعْزَعَتْ آطَامُ بطنِ الأَبطَحِ

وتَزَعْزَعتْ أجبالُ يثربَ كلُّها … ونخيلُها لحُلولِ خَطْبٍ مُفْدِحِ

ولقد زَجَرتُ الطيرَ قبلَ وَفَاتِه … بمُصابِه وزَجَرتُ سعدَ الأَذْبُحِ

وزَجَرتُ أنْ نَعَبَ المُشَحِّجُ سَانِحًا … مُتَفَائِلًا فيه بِفَأْلٍ أَفْيَحِ (٤)

قال: ثم انصرَف أبو ذُؤَيبٍ إلى باديتِه فأقام بها (٥).

وتُوفِّي أبو ذُؤَيبٍ في خلافةِ عثمانَ بنِ عَفَّانَ بطريقِ مكةَ قريبًا


(١) عسل الرمح عسلانا: اهتز واضطرب. الصحاح ٥/ ١٧٦٥ (ع س ل).
(٢) الشَّرْجَع: السرير يُحمل عليه الميت. لسان العرب ٨/ ١٧٩ (شرجع).
(٣) في ي ٣، غ، ر، م، وأسد الغابة: "نص"، والبَضاضة: رِقَّة اللون وصفاؤه الذي يؤثر فيه أدنى شيء. النهاية ١/ ١٣٢.
(٤) الأفيح: كل موضع واسع لسان العرب ٢/ ٥٥١ (ف ي ح).
(٥) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ١٧/ ٥٤ - ٥٦ من طريق ابن إسحاق بطوله، وأخرجه ابن منده في معرفة الصحابة ٢/ ٨٥٥، ومن طريقه أبو نعيم في معرفة الصحابة (٦٨١٩)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٧/ ٥٣، ٥٤، من طريق أبي الأكارم مقتصرًا على قوله: "قدمت المدينة ولها ضجيج … قالوا: قبض رسول الله "، وفي المصادر: أبو الأكارم، بدل: أبو الإكام، كما تقدم التنبيه عليه.