للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعه فِتْيَةٌ من بني عبدِ الأَشهَلِ؛ فيهم إياسُ بنُ مُعَاذٍ يَلْتَمِسُون الحِلْفَ مِن قُريشٍ على قومِهم مِن الخزرجِ، سمِعَ بهم رسولُ اللهِ فأتاهم، فجَلَسَ إليهم، وقال: "هَلْ لكم إلى خيرٍ ممَّا جِئْتُم له؟ "، قالوا: وما ذاكَ؟ قال: "أنا رسولُ الله، بعَثَني (١) إلى العبادِ أدعُوهم إلى أن يَعْبُدُوا الله ولا يُشرِكُوا به شيئًا، وأنزَلَ عَلَيَّ الكتاب"، ثمَّ ذكَر لهم الإسلامَ وتلا عليهم القرآنَ، فقال إياسُ بنُ مُعاذٍ - وكان حَدَثًا -: أَيْ قومِ (٢)، هذا واللهُ خيرٌ ممَّا جئتُم له، قال: فأخَذ أبو الحَيْسَرِ (٣) أنسُ بن رَافِعٍ حِفْنَةً مِن البَطْحاءِ، فضرَبَ بها وجهَ إياسِ بن مُعاذٍ، وقال: دَعْنا منك، فَلَعَمْرِي لقد جِئْنا لغيرِ هذا، قال: فَصَمَتَ إياسٌ، وقام رسولُ اللهِ عنهم، وانصَرَفوا إلى المدينةِ، فَكانَتْ وَقْعةُ بُعَاثٍ بينَ الأوسِ والخَزْرَجِ، قال: ثمَّ لم يَلْبَثْ إِياسُ بنُ مُعَاذٍ أَن هَلَكَ، قال محمودُ بنُ لَبِيدٍ: فأخبَرني مَن حضَر مِن قومِي عندَ موتِه أنَّهم لم يَزالوا يسْمَعُونه يُهَلِّلُ الله ويُكبِّرُه ويَحْمَدُه ويُسَبِّحُه حتى مات، فما كانوا يَشْكُّون أنَّه مات مسلمًا، ولقد كان استشعَرَ الإسلامَ في ذلك المجلس حينَ سمِع مِن رسولِ اللهِ ما سمِعَ (٤).


(١) في م: "بعثني الله".
(٢) في ط، خ: "قومي".
(٣) في ي، ف: "الحنيس"، وفي حاشية ط: "الخنيس"، وفي خ: "الخنيسر".
(٤) سيرة ابن هشام ١/ ٤٢٧، ومن طريقه أخرجه أحمد ٣٩/ ٣٠ (٢٣٦١٩)، والبخاري في تاريخه ١/ ٤٤٢، وابن جرير في تفسيره ٥/ ٦٥٢، وفي تاريخه ٢/ ٣٥٢، والطبراني في المعجم الكبير (٨٠٥)، والحاكم ٣/ ١٨٠، والبيهقي في دلائل النبوة ٢/ ٤٢٠.