للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: كان الجُلاسُ بنُ سُوَيدٍ مِمَّن تَخَلَّفَ مِن المنافِقين في غزوةِ تَبوكَ، وكان يُثَبِّطُ النَّاسَ عن الخروجِ، فقال: واللهِ لئِنْ كان محمَّدٌ صادقًا لنحنُ شرٌّ مِن الحَميرِ (١).

وكانَت أُمُّ عُمَيرِ بنِ سعدٍ تحتَه، وكان عُمَيرٌ يتيمًا في حَجرِه لا مالَ له، فكان يَكفُلُه ويُحْسِنُ إليه، فسمِعَه عُمَيرٌ يقولُ هذه الكلمةَ، فقال عُمَيْرٌ: يا جُلَاسُ، واللهِ لقد كنتَ أحَبَّ النَّاسِ إليَّ، وأحسنَهُم عندي يَدًا، وأَعَزَّهُم عليَّ أن يَدخُلَ عليه شيءٌ يكرَهُه، ولقد قلتَ مَقالَةً لَئِنْ ذكَرتُها لأَفْضَحَنَّكَ، ولَئِنْ كتَمتُها لأَهْلِكَنَّ، ولإحداهُما أهوَنُ عَلَيَّ مِن الأُخرَى، فذكَر للنَّبِيِّ مَقالَةَ الجُلاسِ، فبعَث النَّبِيُّ إلى الجُلاسِ، فسألَه عمَّا قال عُمَيرٌ، فحلَفَ باللهِ ما تكَلَّمَ به قطُّ، وإنَّ عُميرًا لكاذِبٌ، وعُمَيرٌ حاضِرٌ، فقامَ عُمَيرٌ مِن عندِ النَّبِيِّ ، وهو يقولُ: اللهُمَّ أنزِلْ على رسولِك بيانَ ما تَكَلَّمتُ به، فأنزَلَ اللهُ تعالى على رسولِه : ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ﴾ الآية [التوبة: ٧٤]، فتابَ بعدَ ذلك الجُلَاسُ، واعترَفَ بذَنبِه، وحَسُنَتْ توبَتُه.

قال (٢): وحدَّثَني عبدُ الحميدِ بنُ جعفرٍ، قال: حدَّثني أبي، قال: قال الجُلاسُ: أَسمَعُ اللهُ قد عرَض عليَّ التَّوبةَ، واللهِ لقد قلتُه وصَدَقَ عُمَيرٌ، فتابَ وحَسُنَت تَوبتُه، ولم يَنزِعْ عن خيرٍ كان يَصنَعُه إلى عُمَيرٍ، فكان ذلك مِمَّا عُرِفَت به تَوبَتُه.


(١) في خ: "الحمر".
(٢) مغازي الواقدي ٣/ ١٠٠٥.