للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منهم في أبيه، فَبَقِيَ [نحوَ سبعةِ] (١) أشهرٍ خليفةً بالعراقِ وما وراءَها مِن خُراسانَ، ثم سار إلى معاويةَ، وسار معاويةُ إليه، فلمَّا تَرَاءَى الجَمْعانِ، وذلك بموضعٍ يُقالُ له: مَسْكِنٌ، مِن أرضِ السَّوادِ بناحيةِ الأنبارِ، علِم أنَّه لن تَغْلِبَ إحدَى الفئتَيْنِ حتى تَذْهَبَ (٢) أكثرُ الأُخرَى، فكتَب إلى معاويةَ يُخبِرُه أنَّه يُصَيِّرُ الأمرَ إليه على أن يشترطَ عليه ألَّا يطلُبَ أَحَدًا مِن أهلِ المدينةِ والحجازِ ولا أهلِ العراقِ بشيءٍ كان في أيامِ أبيه، فأجابَه معاويةُ، وكاد يَطِيرُ فَرَحًا، إِلَّا أَنَّه قال: أَمَّا عَشْرةُ أَنفُسٍ فلا أُؤَمِّنُهم، فراجَعه الحسنُ فيهم، فكتَب إليه يقولُ: إنِّي قد آلَيتُ أنِّي متى ظَفِرتُ بقيسِ بنِ سعدٍ أن أقطَعَ لسانَه ويَدَه، فراجَعه الحسنُ: إِنِّي لا أُبايِعُك أبدًا وأنت تطلُبُ قيسًا أو غيرَه بِتَبِعةٍ قَلَّتْ أو كَثُرَتْ، فبعث إليه معاويةُ حينَئذٍ بِرَقٍّ أبيضَ، وقال: اكتُبْ ما شِئْتَ فيه وأنا ألتزِمُه، فاصطَلَحا على ذلك، واشتَرَطَ عليه الحسنُ أن يكون له الأمرُ مِن بعدِه، فالتَزَمَ ذلك كلَّه معاويةُ، فقال له عمرُو بنُ العاصي: إنَّهم قد انفَلَّ حَدُّهم، وانكَسَرَتْ شَوكتُهم، فقال له معاويةُ: أمَا علِمتَ أنَّه قد بايَع عليًّا أربعونَ ألفًا (٣) على الموتِ، فواللهِ لا يُقْتَلون حتى يُقْتَلَ (٤) أعدادُهم مِن أهلِ الشامِ، وواللهِ ما في العيشِ خيرٌ بعدَ


(١) في هـ: "نحوًا من سبعة"، وفي م: "نحوًا من أربعة".
(٢) في ط، هـ: "يذهب".
(٣) بعده في حاشية ط: "كلهم".
(٤) في ط: "تقتل".