للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأمَّا عبدُ اللَّهِ بنُ سعدِ بن أبي سَرْحٍ فافتتَحَ إفريقِيةً مِن مصرَ سنةَ سبعٍ وعشرينَ، وغزَا منها الأساودَ مِن أرضِ النُّوبةِ سنةَ إحدَى وثلاثينَ، وهو هادَنهم الهُدْنةَ الباقيةَ إلى اليومِ، وغَزا الصَّوَاريَ مِن أرضِ الرُّومِ سنةَ أربعٍ وثلاثينَ، ثمَّ قدِم على عثمانَ، واستخْلَف على مصرَ السَّائِبَ بنَ هشامِ بن عمرٍو العامِريُّ، فانتَزَى (١) محمدُ بنُ أبي حُذَيفةَ بن عُتْبةَ بن ربيعةَ، فخلَع السَّائِبَ، وتأمَّرَ على مصرَ، ورجَع عبدُ اللهِ بنُ سعدٍ من وِفادَتِه، فمنَعَه ابن أبي حُذَيفةَ من دُخُولِ الفسطاطِ فمضَى إلى عسقلانَ، فأقامَ بها حتَّى قُتِل عثمانُ، وقيل: بل أقامَ بالرَّملةِ حتَّى ماتَ فارًّا مِن الفتنةِ، ودَعا ربَّه، فقال: اللَّهُمَّ اجعَلْ خاتمةَ عَمَلِي صلاةَ الصُّبحِ، فتَوضَّأ ثمَّ صلَّى (٢)، فقرَأ في الرَّكعةِ الأُولَى بأمِّ القرآنِ والعادياتِ، وفي الثَّانيةِ بأمِّ القرآنِ وسورةٍ، ثمَّ سَلَّم عن يمينِه، وذهَب يُسلِّمُ عن يسارِه، فقبَض اللهُ روحَه، ذكَر ذلك كلَّه يزيدُ بنُ أبي حبيبٍ وغيرُه (٣).

ولم يُبايِعْ لعليٍّ ولا لمعاويةَ، وكانَتْ وفاتُه قبلَ اجتِماعِ الناسِ على معاويةَ، وقيل: إنَّه تُوفِّي بإفريقيةَ، والصَّحيحُ أنَّه تُوفِّي بعَسْقَلانَ


(١) في ط: "فأمر"، وفي خ: "فابتدى"، وفي حاشية ط كالمثبت، وانتزى: وثب، الصحاح ٦/ ٢٥٠٧ (ن ز ي).
(٢) في ر: "قام يصلي"، وفي م: "صلى الصبح".
(٣) فتوح مصر وأخبارها لابن عبد الحكم ص ١٨٨، وفتوح البلدان للبلاذري ص ٢٣٥، ومعجم الصحابة للبغوي (١٥٦٥)، والتاريخ الكبير للبخاري ٥/ ٢٩، وتاريخ دمشق ٢٩/ ٤٣، ٤٤.