قائلًا:"نظرت إلى كثير مما صنفوه في ذلك وتأمَّلت ما ألَّفوه، فرأيتهم - رحمة الله عليهم - قد طوَّلوا في بعض ذلك وأكثروا من تكرار الرفع في الأنساب ومخارج الروايات"(١). في حين فاتهم استيعاب أخبار المترجمين لهم وبيان أحوالهم.
وقد اعتمد ابن عبد البر كُتبَ كثير ممن سبقوه، واستند إليها في صياغة كتابة تراجمه، مراعيًا الاختصار في الاقتباس منها، وكان حريصًا على توثيق طرق تحمل تلك المؤلفات التي أفاد منها، دلَّت على سعة مروياته وعلى تباين الأسانيد الموصولة بمؤلفها.
ولم يفته تنبيه القارئ إلى أنه لم يقتصر في كتابه على كل من صحَّت صحبته ولو بلقية واحدة؛ أو رؤية فقط، أو سمع منه لفظة فأداها عنه، وإنما ترجم كذلك لمن وُلد على عهد النبي ﷺ، ومن كان مؤمنًا به ولم يرد عليه.
وتفاديًا للتطويل في إيراد أنساب الرواة؛ من قريش والأنصار ورفعها في كتابه، فإن ابن عبد البر أفرد موضوع الأنساب بكتاب مستقل، جعله مدخلا للاستيعاب، سماه:"الإنباه على القبائل الرواة" كما تقدم التنبيه على ذلك من كلام المصنف.
وقد آثرنا أن نصدر به هذا التحقيق، ليكون مدخلًا للكتاب كما أراد مؤلفه.