للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقولُ: الجواب على ما ذكره من وجوه:

الوجه الأول: أنَّا قد بيَّنَّا مِنْ نَصِّ أهل البيت عليهم السلامُ على قبولِ الخوارج، بل مَنِ ادعى معرفة الإجماع على ذلك مِنَ العِترة والأمَّة مِمَّن لا سبيل إلى تكذبيه، كالإمامِ المنصور بالله، والمؤيَّد ِ بالله، ويحيى بنِ حمزة، والأميرِ الحسين بنِ محمدٍ، وغيرهم منْ عُلماء الشِّيعة.

والخوارج شَرُّ من عادى أمير المؤمنين عليه السلام؛ لأنَّهم كفَّرُوه وأخرجوه من الإسلام، صانه اللهُ عن ذلكَ، فينبغي أن يعلم أنَّهم إنما قدَحُوا في أحاديث جماعةٍ قليلةٍ منَ البُغاة عليه (١) لأمرٍ آخرَ غيرِ بغيهم المعلوم الذي شاركهم فيه الخوارج، وذلك أجنبي (٢) مِن القدحِ بالأمر المشتَرك بينهم وبين الخوارِج، فافهمه، وافْهَمْ أنَّ المخالفين لعليٍّ عليه السَّلام ثلاثةِ أصناف كما ورد في وصفه عليه السَّلام بقتال (٣) المارقين والنَّاكثينَ والقاسِطين، فقد صرَّح أئمةُ الزَّيديَّةَ بقَبولِ المارقينَ والنَّاكثين، بَلِ ادعوا الإجماع على ذلك، وصرَّح الأميرُ الحسين في " شفاء الأوام " بدعوى الإجماع على قبول البُغاة على عليٍّ عليه السَّلامُ وَهُمْ عبارةٌ عَنِ القاسطينَ معاوية وأصحابه، والَّذي ذكره الأميرُ الحسين عن أهل البيت هو مذهبُ المحدِّثين، لكنِ الزَّيديَّةُ استثنَوْا مِنْ هذا الإطلاقِ قدرَ أربعةٍ أو خمسةٍ لا سوى، لأمرٍ وَقَعَ النِّزاعُ فيه بينَهم وبَيْن المحدِّثين، وهو قرائِنُ رُوِيتْ عنهم مِنَ الأقوالِ والأفعال تُعارِضُ ما ادَّعوْهُ وأظهروه منَ التَّأويل في البغي، ويدلُّ على تعمُّد البغي مع العلم بقُبْحِهِ وتحريمه، وهذا القدرُ ممَّا


(١) " عليه " ساقطة من (ب).
(٢) في (ش): آخر.
(٣) تحرف في (ج): فقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>