للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُصالحوه على ألا يُعْشَروا ولا يُحْشَرُوا، القصة (١). فهمَّ بأن يُساعِدَهم إلى قبول قولهم، فنزلت، وفيها مِن الوعيدِ ما ترى، هذا وقد قلَّلَ الركونَ حيث قال: {شَيْئًا قَلِيلًا}.

أقول يرد على استدلال السيد -أيَّدَهُ اللهُ- بهذه الآية إشكالات:

الإشكالُ الأولُ: أن معنى الآية ظني، مختلَف فيه أشد الاختلاف كما ذكره السَّيِّد في تفسيره " تجريد الكشاف المزيد فيه النُّكت اللطاف " والعجبُ منه أنَّه (٢) هنالك حكى الأقوالَ من غير تقبيحٍ لشيءٍ منها، بل حكى عن القاضي والحاكم شيخي الاعتزالِ تصحيحَ غيرِ ما ذكره هنا، وكذلك عن الرازي، ولم يعترِضْ تصحيحَهم، ولا يَحِلُّ له حكايةُ البواطِلِ في تفسيرِ كلام الله مِن غير إِنكار، وقد قال في تفسيره ما لفظه: وقيل: لا تَرْضَوْا بأعمالهم، عن أبي العالية. وقيل: لا تُدَاهِنُوا، عن السدي.

وقيل: لا تلحقوا بالمشرَكين، عن قتادة.

قلت: وهو من رؤوس المعتزلة القدماء.

قال السيدُ: وقيل: الركونُ المنهي عنه الدخولُ معهم في ظلمهم، أو معاونتهم، أو الرضى بفعلهم، أو موالاتهم، وأما إذا دَخَلَ عليهم، أو خالطهم لدفع شرهم، أو أحسن معاشرتهم، وَرَفَق بهم في القول ليقبلوا منه ما يأمُرُهمْ به من طاعة الله، فذلك غيرُ منهي عنه، عن القاضي. قال الحاكم: وهو الصحيح، لأن الله تعالى أمر بإلاَنَةِ القولِ للكافر في قوله: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: ٤٤] فأولى الظالم.


(١) سيذكره المؤلف في الصفحة ٢١٣، وسنخرجه هناك، ومعنى قوله " أن لا يعشروا " أي: لا يؤخذ عشر أموالهم، وقوله " ولا يحشروا " معناه الحشر في الجهاد والنفير له.
(٢) في (ب): أن.

<<  <  ج: ص:  >  >>