للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: " إن الله كتب الإحسان على كل شيءٍ، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَةَ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبْحَة، وَلْيُحِدَّ أحدُكم شفرته وَلْيُرِحْ ذبيحته " (١). فهذا في أفعال عباده، فكيف أفعال الحميد المجيد؟!

ولذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " الحمد لله على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل النار " رواه الترمذي وابن ماجه (٢).

وفيه تنبيهٌ على أن الله تعالى يستحق الحمد على الإطلاق في الدَّارَيْن على العقوبة والمثوبة، وما حلا أو مَرَّ، أو نفع أو ضر، لكنه - صلى الله عليه وسلم - استعاذ مما لا يطاق الصبر عليه، كما سأل العافية وأمر بسؤالها.

ومن ذلك قيل في محامده تعالى: الحمد لله الذي لا يُحْمَدُ على المكاره سواه.

ولذلك قال الله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} بعد قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} [الرحمن: ٤٣ - ٤٤]، وبعد قوله: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} [الرحمن: ٤١].

كما قرَّره ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية في " حادي الأرواح إلى دار الأفراح " وتقدم منه ما يكفي آخر الكلام في الأقدار، ولكني أفردتُه في جزء والحمدُ لله.

وثانيهما: أن اسم الضار لا يجوز إفراده عن النافع، وحينئذ يصيران معاً كالاسم الواحد المركَّبِ من كلمتين كعبد الله، فلو نطقت بأحدهما وحده لم


(١) تقدم تخريجه.
(٢) الترمذي (٣٥٩٩)، وابن ماجه (٣٨٠٤) و (٣٨٣٣)، وفي سنده موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف، وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه، وليس في نسخة الترمذي التي اعتمدها المزي في " التحفة " ١٠/ ٣٢٠ لفظة " حسن "، وهو الصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>