الشخصِ، ووكلوا باطِنَه إلى اللهِ -تعالى- إلا مَنْ ظَهر نِفاقُه، أو رِدَّتُهُ، أو قامتِ القرائن الضرورية على فجوره، وتعمُّدِه وجُرأتِه. وسيأتي تحقيقُ الكلام في هذه المسألة إن شاء الله تعالى في الفصل الثاني، وفي الوهم الثالث والثلاثين.
وأما الجرحُ في الرواية، فلا يثبت الجرحُ فيه بارتكاب بعضِ الحرام الذي يُمكن تأويلُه مع دعوى التأويلِ، وظهورِ الصدق. وسيأتي تفصيلُ هذه الجملة عند الكلام على المتأولين إن شاء الله، ونبينُ هناك أنَّ الذي ذهبنا إليه في هذه المسألة هو الذي ذهب إليه جمهورُ العِترة -عليهم السلام- وإنَّا لا نقبل منْ لم يقبلوا ممن ظهر منه عدمُ التأويل، كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
فقد تبيَّن بهذا أنَّ السَّيِّد اعترض المحدِّثين بقبول مجهولِ الصَّحابة أو العاصي منهم على جهة التأويل.
فأما المجهول، فقد بينَّا أن قبوله مذهبٌ شائعٌ بينَ العلماء من أهل البيت وأشياعهم، والمعتزلة والفقهاء، وسائر من خاض في العلم من المتقدمين والمتأخرين، وأنَّ كتب الأصوليين مشحونةٌ بذكره، والخلاف فيه.
وأما المتأول، فسوف نبيِّن فيه ما يشفي ويكفي -إن شاء الله تعالى- فلا معنى لِقدح السَّيِّد على المحدِّثين بذلك، ولا عَيْبَ على من قرأ كُتُبَ الحديث في ذلك، وهذا مما كنتُ أتوهَّمُ أنَّه لا يقع فيه إنكارٌ، ولا يَمُرُّ القدح به على خاطر.
الوجه الرابع: أنّ قوله: إنه يَبْطُلُ بذلك كثير مما في الصحاح، كلامُ مَنْ لم يعرف ما معنى الصحاح: فإنَّ الصَّحاح لم تُصَنَّفْ لمعرفةِ الحديث المجمع عليه لا سوى، بل وُضِعَتْ لذلك، وللقسم الآخر