للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يُساعد على هذا، لزمه نصبُ الدليل القاطع على أن المفهومَ الوارد على حادثة حجةٌ قطعية كلية حتى تَدْخُلَ هذه المسألةُ تحتها على القطع، بل قد اعترفَ السَّيِّد في تجريده للكشاف (١) بذلك وقال في معناه ما لفظُه: يُريدُ: واتبع سبيلَ المؤمنين في دِينِكَ، ولا تُطِعْهُما فيه، يعني والديه المشرِكيْنِ الداعيين له إلى الشرك كما تقدم الآن في ذكر سببِ نزول هذه الآية.

الإشكال الخامس: أن الزمخشري رضي الله عنه ادَّعى أن المفهوم من هذه الآية هو (٢): ولا تتبع سبيلَهما، يعني: الوالدين المشركين، وهو إمامُ هذا الفن بلا مدافعة، والسيدُ فَهِمَ مِن هذه الآية: ولا تقبل أحاديثَ المتأوِّلين عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلا يَتمُّ له هذا الذي فهمه حتى يَدُلَّ بدليلٍ قاطع على أن ما فهمه الزمخشري باطل لا يصح.

الإِشكال السادسُ: أن قولَه: (مَنْ أنَابَ إليَّ) من المطلقات التي لم تقَيَّدْ بكثرة ولا قِلة بإطلاقها يقتضي أن مَنْ وُجِدَتْ منه إنابةٌ قليلة أو كثيرة، فهو ممن يَتَّبعُ سبيلَه إما في إنابته على المفهومِ الصحيح، وإما في قبول خبره وسائرِ سبله على تفسير السيد، فيلزم أن يجبَ قبولُ المتأولين على تفسير السَّيِّد خاصة، لأنَّهم قد أنابوا في كثير من الأمور.

الإِشكال السابع: أنَّ حجة السَّيِّد إنما تستقيم على المفهوم، لكن المفهومَ يقتضي تحريمَ اتباع من لم يُنِبْ إلى الله في شيء، وهذا غيرُ حاصل في المتأوِّلين لما ذكرناه آنفاً، وهذا غيرُ الأول، فلا يَقَعُ وَهْمٌ، فإن هذا يقتضي رفعَ تحريم القبول، وذلك يقتضي إيجابَ القبول.


(١) في (ب): تجريد الكشاف.
(٢) هو: ساقطة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>