للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك يوجب التواتر، ومنع التأويل بما ذكرنا غير مرة من أن العادة تقضي بالظاهر فيما شاع من عصر النبوة والصحابة، ولم يذكر تأويله ويحذر من ظاهره.

وقد ردَّ الإمام المتوكل أحمد بن سليمان (١) عليه السلام على نشوان بن سعيد قوله بنفي التفضيل، لأنه أراد نفي (٢) تفضيل أهل البيت بنسبهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبالغ في أن الله لا يفضل أحداً إلاَّ بالعمل، فبالغ الإمام في رد ذلك، واحتج بالنصوص مثل قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: ٢٥٣]، وقوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٤٧]، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} [النمل: ١٥]، وذكر ما تقدم من تفضيل محمد - صلى الله عليه وسلم - مع قصر عمره وسهولة شريعته، وذكر أن الله فاضل (٣) بين المواضع، وفضل بعضها على بعض كالكعبة، وبين الأزمان كرمضان، وبين الليالي كليلة القدر، فجعلها خيراً من ألف شهر، وبين الأيام كيوم الجمعة، وطوَّل عليه السلام في ذلك، وجوّد في الرد على شُبَهِ (٤) نشوان في نفي ذلك.

وتلخيصُ هذا الجواب أن المشقة في التكليف صارفٌ عن الخير، وداعٍ


= وأخرجه من حديث أبي أيوب الأنصاري: الترمذي (٢٨٩٦)، والنسائي في " المجتبى " ٢/ ١٧٢، وفي " عمل اليوم والليلة " (٦٧٩) و (٦٨٠) و (٦٨١) و (٦٨٢) و (٦٨٣).
وأخرجه من حديث أبي مسعود الأنصاري: النسائي في " عمل اليوم والليلة " (٦٩٣)، وابن ماجه (٣٧٨٩).
وأخرجه من حديث ابن مسعود: النسائي في " عمل اليوم والليلة " (٦٧٥)، وابن حبان (٢٥٧٦)، والبزار (٢٢٩٨)، والطبراني (١٠٤٨٥).
(١) تقدمت ترجمته ٢/ ٣٣٢.
(٢) ساقطة من (ش).
(٣) في (أ): فضل.
(٤) في (ش): شبهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>