للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولِه في أبياتٍ له:

نِهَايَةُ إقْدَامِ العُقُولِ عِقَالُ ... وَأكْثَرُ سَعْيِ العَالمينَ ضَلاَلُ (١)

وفي معنى البيتينِ الأوَّلَيْنِ قولُ الآخر:

وَكَمْ في البَرِيَّةِ مِنْ عَالِمٍ ... قَوِيِّ الجِدَالِ شَدِيدِ الكَلِمْ

سَعَى في العُلُومِ فلما يُفِدْ ... سِوى عِلْمِهِ أنَّهُ ما عَلِمْ

وهذا مِنْ بَرَكاتِ العِلْمِ وخاتِمَةِ الخيرِ. والله أعلم.

قال: وذكر بعضُ فقهاء الشافعية تعسُّرَ الاجتهادِ حتى قال: وقد كانوا يرون أن درجة الاجتهاد في زمانهم مفقودة، يعني أصحاب الشافعي المتقدِّمين، وذكر منهم القَفَّالَ، وأبا حامدٍ الإسفَراييني، وأبا إسحاقَ الإِسفراييني، وأبا إسحاق المروزي، والجُويني قال: وقال الرافعيُّ: القومُ كالمجمعين على أنَّه لا مجتهدَ اليومَ، وحُكِيَ عن المحاملي أنَّه قال: ما أعلمُ على وجهِ الأرض مجتهداً. زادنا اللهُ هدى، وجعلنا ممن يتجنَّبُ الرَّدى، ولا يُزكِّي على الله أحداً، كما جاء في الحديث مسنداً.

أقول: هذه الروايات عن بعض أصحابِ الشافعي قد جعلها السَّيدُ لِكلامه تماماً، ولاحتجاجه ختاماً، وقد استملح هذه الحكاياتِ، واستروح إلى هذه الرواياتِ حِرصاً على توعيرِ مسالك العلمِ، وسدِّ أبوابِ


(١) وتمام الأبيات عند ابن خلكان ٤/ ٢٥٠.
وأرواحنا في وحشةٍ من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذى ووبالُ
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيلَ وقالوا
وكم قد رأينا من رجالٍ ودولة ... فبادوا جميعاً مسرعين وزالوا
وكم من جبال قد علت شرفاتها ... رجال فزالوا والجبالُ جبالُ
وهي في " طبقات السبكي " ٨/ ٩٦، و" عيون الأنباء " ٢/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>