للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعترضها، وقد مَرَّ جوابُ اعتراضه.

الوجه الثاني: مما يدل على صِحة دعوى الإجماعِ هذه أنَّها دعوى صدرت مع القرائن الشاهدة بصدقها، وقد ذكر العلماءُ أن خبرَ الواحد مع القرائن يُفيدُ العلم، فكيف بخبر الجمِّ الغفيرِ من الأئمة الأعلامِ، وجميعِ فقهاء الإسلام إذا انضمَّ إلى القرائن العظيمة.

فإن قلتَ: وما تلك القرائنُ؟

قلتُ: اشتهارُ الرواية عن المتأولين قديِماً وحديثاً مع الموافق والمخالف من غير نكير، أما قديماً، ففي عصر الصحابة وهذا هو الإجماعُ الذي ادَّعاه هؤلاء الثقاتُ، وقد مَرَّ تقريرُه، وأما حديثاً -وهو الذي أردنا تأكيدَ ذلك الإجماع به- فإنَّ الناسَ ما زالوا يقرؤون كتبَ المخالفين، ويروون منها (١) في شرق الأرضِ وغربها (٢)، فالزيديةُ يروون عن المخالفين في تصانيفهم، ويدرسون كتبَ المخالفين في مدارسهم، ألا ترى أن المعتمد في الحديث في التحليل والتحريم في كتب الزيدية هو " أصولُ الأحكام " (٣) للإمام المتوكِّل على الله أحمد بن سليمان (٤) عليه


(١) في (ب): عنها.
(٢) في (ب): ومغاربها.
(٣) واسمه الكامل: " أصول الأحكام في الحلال والحرام وما تبعها من الأحكام ". منه عدة نسخ في المكتبة الغربية بالجامع الكبير، انظر وصفها في " الفهرس " ص ٥٠، ومن مؤلفاته أيضاً: كتاب " الزاهر " في أصول الفقه، و"حقائق المعرفة" في الأصول والفروع.
(٤) هو أحمد بن سليمان بن محمد بن المطهر، شمس الدين، الإمام المتوكل على الله ابن الهادي عليه السلام، ظهر في أيام حاتم بن عمران سنة (٥٣٢) هـ، ودعا الناس إلى بيعته بالإمامة، فبايعه خلق كثير، وملك صعدة ونجران وزبيد، ومواضع أخرى من الديار اليمنية، ونشبت بينه وبين حاتم حروب، ثم تمَّ الصلحُ بينهما على أن يكون لكل منهما ما في يده من بلاد وحصون، وكانت له مع الباطنية حروب، وأضرَّ بأخرة، وتُوفِّي بحيدان من بلاد خولان. " بلوغ المرام " ص ٣٩ و٤٠٦، و" تراجم الرِّجال " ص ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>