للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو حديث مَشهور مُتَلقّى بالقبول، وقد خالف بعضُ أهلِ الحديث في صحَّتهِ على وفق شروطهم، وَطَعنَ فيه بأنه مَرويٌّ عن ناسٍ من أهلِ حِمْص من أصحاب معاذ عن معاذ -رضي الله عنه-.

وأجيبُ عن هذا بوجوه:

الأول: أن له شواهد كثيرة من طُرقٍ متعددة، فقد قال الحافظ ابنُ كثير البصروي (١): هو حديثٌ حسنٌ مشهورٌ اعتمد عليه أئمةُ الإسلام في إثباتِ أصل القياسِ، وقد ذكرتُ له طرُقًا وشواهدَ في " جزءٍ مفرد " فلله الحمد. انتهى.

الثاني: أنَّ كونَهم جماعة، يُقَوِّيهِ، وكونهم مِن أصحاب معاذ يُعَرِّفُهم بعض التَّعريف، فالظاهر مِن أصحاب معاذ أنَّهم من أهلِ الخير.

الثالث: أنَّ كتب الأئمةِ والأصوليين وأهل العدل متضمنةٌ للاحتجاج به، قاضية بصحته، فقد احتج به السَّيِّد الإمام أبو طالب في آخر كتاب " المجزىء " فقال -ما لفظه-: وهذا الخبرُ قَد تلقَّاه العلماءُ بالقبُولِ، وقد احتجَّ به الشيخُ أبو الحسين (٢) في " المعتمد "، ورواه الترمذي وأبو داود


(١) يغلب على الظن أن كلامه هذا في الكتاب الذي خرج فيه أحاديث مختصر ابن الحاجب في الأصول، واسمه " تذكرة المحتاج في تخريج أحاديث المنهاج " ومنه نسخة في فيض الله (٢٨٣) باستنبول.
(٢) هو أبو الحسن محمد بن علي بن الطيب البصري المتكلم شيخ المعتزلة في عصره، والمنافح عن آرائهم بالتصانيف الكثيرة، وكتابه " المعتمد " في أصول الفقه، وهو شرح لكتاب " العهد " للقاضي عبد الجبار، وهو أحد الكتب الأربعة التي عول عليها الفخر الرازي في كتابه المحصول، واستمد منها. توفي سنة ٤٣٢ هـ في بغداد، وصلى عليه القاضي أبو عبد الله الصيمري، ودفن في مقبرة الشونيزي. انظر " وفيات الأعيان " ٤/ ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>