للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: أنه لا يجب أن يُعلم جميعُ ما يتعلق بالكتاب، وإنما الواجبُ مقدار خمس مئة آية، وهي التي تتعلَّقُ بالأحكام الشرعية.

الثاني: أنه لا يجبُ علمُها، بل إذا علم بمواضعها، وتمكَّن مِن النَّظَرِ فيها عند الحادثة كفي ذلك.

وأما السُّنَّة، فيكفيه منها كتاب جامع لأكثر الأخبار الشرعية كسنن أبي داود وغيره، ولا يجب أن يعلمه بالغيب -كما تقدَّم في الكتاب-.

وأما الإجماع، فلا يلزمه أن يعلم جميعَ مسائله غيباً، بل يكفيه إذا وردت الحادثة أن يطلب وينظر في حكمها، فإن وجد فيها إجماعاً لم يُخالفه، وإن لم يجد فيها إجماعاً، حكم بما أدَّاه إليه اجتهادُهُ. انتهى كلامُهُ رحمه الله تعالى.

وفيه ما ترى من التمثيل بسنن أبي داود، وهذا فرع على صحتها.

فهؤلاء علماءُ الزيدية، وأهلُ التدريس في مساجدها، متطابقون (١) على خلاف ما ذكره السَّيِّد من تحريم الرجوع إلى كتب الحديث، وتحريم الاجتزاء بها، وأما غيرُهُم، فإنه أكثر ترخيصاً منهما، وقد اشتهر عن شيوخ المعتزلة البغدادية تحريمُ التقليد على العامة، وتسهيلُ الاجتهاد لهم، فإنهم زعموا أن العامي متى سَمِعَ من العالم الدليلَ في المسألة، وفهَّمَهُ الدليل مثلَ ما يُفَهِّمُهُ الفتوى، صار مجتهداً في المسألة، فجعلوا الاجتهادَ ممكناً للبُلدَاءِ من الحرّاثينَ والعبيد، والنساءِ وجميعِ المكلفينَ، كما جعلتِ المعتزلةُ كُلُّها معرفةَ الله -عز وجل- بالبراهين الصحيحةِ واجبةً ممكنةٌ لأولئك أجمعين.


(١) في " أ " و" ب ": متطابقين، والوجه ما أثبتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>