للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في شيء من فعله عليه السلام، ولا مِن فعل المسلمين الذي أقرَّهم عليه ركونٌ إليهم لما كان اعتماداً على الظن الصحيح الراجح الحاصلِ عن القرائن العقلية الدائمة الصِّدق أو الأكثرية (١)، وهذا مقتضى المعقول في المظنون إلا ما خصَّه الدليلُ.

الإشكال الثامن عشر: أن السيد -أيَّده الله- تَشَدَّد (٢) في معرفة صِحَّةِ الحديثِ، ثم روى هذا الحديثَ في قصة ثقيف مع ما فيه من الإشكالِ في أمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لكاتبه أن يكتب لهم ألا يركعُوا ولا يسجُدوا مِن غير إذن من الله، لأنَّه لو أَذِنَ له في ذلك لم يُنْزِلْ عليه الوعيدَ الشديد لو فعل ذلك فإن كان هذا صَحَّ للسيد -أيَّدهُ الله- فلا يمتنِعُ أن يصِح لِغيره شيء من الحديثِ، وإن لم يكن صَحَّ له، فلا ينبغي أن يحتجَّ بما لم يَصِحَّ بل لا ينبغي أن يَرْويَه. ثم في تأويله إشكال، وفي القرآن دليلٌ على أن النبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يرْكَنْ إلَيْهِمْ قليلاً ولا كثيراً ولا كاد يركن ركوناً كثيراً، وإنما الذي في القرآن " شيئاً يسيراً "، فلو كان قد ساعدهم إلى تغيير الصلاةِ، وأمر كاتبه أن يكتُبَ لهم ذلك مع أنها أعظمُ أركانِ الدين، لكان قد ركن إليهم، وُيوَضِّحُ


= المراد: ما وقع من المقاضاة بين المسلمين والمشركين من الكتاب الذي كتب بينهم بالحديبية، فالمراد بالقضاء الفصل الذي وقع عليه الصلح، ولذلك يقال لها: عُمرة القضية، قال أهل اللغة: قاضى فلاناً: عاهده، وقاضاه: عاوضه، فيحتمل تسميتها بذلك لأمرين، قاله عياض، ويرجح الثاني تسميتها قِصاصاً، قال الله تعالى {الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص} قال السهيلي: تسميتها عمرة القصاص أولى، لأن هذه الآية نزلت فيها. قلت (القائل الحافظ ابن حجر): كذا رواه ابن جرير، وعبد بن حميد بإسناد صحيح عن مجاهد، وبه جزم سليمان التيمي في " مغازيه "، وقال ابن إسحاق: بلغنا عن ابن عباس، فذكره، ووصله الحاكم في " الإكليل " عن ابن عباس، لكن في إسناده الواقدي.
(١) في (ج) و (ش): والأكثرية.
(٢) في (ج) و (ش): شدد.

<<  <  ج: ص:  >  >>