للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهود (١) و" سوف ": قد تكون للقريب من المستقبل، كقوله تعالى حكايةً عن يعقوب: {سَوْفَ أستغفِرُ لَكُمُ ربِّي} [يوسف: ٩٨] وعدهم لليلة الجمعة (٢)، وهو كثيرٌ، ولا خلاف (٣) فيه بقول سوف أفعل غداً بإجماع (٤) أهل العربية.

وأما قولهم: إن " لن " تدلُّ على النفي في الاستقبال، فإن الاستقبال هُنا حاصلٌ، وهو مدَّةُ عمر موسى عليه السلام في الدنيا، ولكن -مع هذا- لا بد من دخول نفي رؤيته في الحال، وإلاَّ خرج الجواب عن مطابقة السؤال، وذلك لا يجوز.

وأيضا، فإنما يدلُّ على النفي في المستقبل، ولا يدلُّ على دوام النفي، ولو قيِّدت بالتَّأبيد، فكيف إذا أطلقت؟ قال تعالى: {ولَنْ يَتَمَنَّوْهُ أبَدَاً} [البقرة: ٩٥] مع قوله: {ونادَوْا يا مَالِكُ لِيَقْضِ علينا ربُّكَ} [الزخرف: ٧٧].

فصل: الدليل الثاني: قوله تعالى: {واتَّقُوا الله واعلَمُوا أنَّكُم مُلاقُوه} [البقرة: ٢٢٣]، وقوله تعالى: {تَحِيَّتُهُم يوم يلقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب: ٤٤]، وقوله: {فمن كان يرجُو لِقَاء ربِّهِ} [الكهف: ١١٠]، وقوله: {قال الذِينَ يظُنُّونَ


(١) هو قول ابن عباس رضي الله عنه، رواه عنه البخاري (٤٥٦٨)، والطبرى ٧/ (٨٢٣٧) و (٨٣٣٨) و (٨٣٤٤) و (٨٣٤٨). والبغوي في " تفسيره " ١/ ٣٨٤، وهو قول عكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، والسدي، وكعب الأحبار.
وروى البخاري (٤٥٦٧)، والطبري ٧/ (٨٣٣٥)، والبغوي في " تفسيره " ١/ ٣٨٤ عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت في المنافقين.
قال الزمخشري ١/ ٤٨٧ بعد أن أورد الروايتين: ويجوز أن يكون شاملاً لكل من يأتي بحسنة، فيفرح بها فرح إعجاب، ويجب أن يحمده الناس، ويُثنوا عليه بالديانة والزُّهد بما ليس فيه.
(٢) تقدم تخريجه ص ٤٠٨.
(٣) في (ج): باختلاف.
(٤) في (ب): بالإجماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>