للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهيرةٌ صِحاحٌ، ويأتي ذكرُها في الكلام على تنزيه أهل السنة من القول بتكليف ما لا يُطاق.

قال الشهرستاني: ثم يقولُ مَنْ رأي أن الآمر بالشيء لا يكون مُريداً له من حيث إنه مأمور به فقط، سواء كان المأمور به طاعة وقد عَلِمَ الآمر حصولها، أو كان الأمر بخلاف ذلك، فإن جهة المأمور به هو كسبُ المأمور، وسيأتي أن ذلك أخص أوصاف الفعل، سُمِّي به العبد عابداً، ومُصلياً، وصائماً وأمثال ذلك.

والفعل من هذا الوجه لا يُنسبُ إلى الباري تعالى، فلا يكون مُريداً له من هذا الوجه، بل يُنسب إليه من حيثُ التجدد والتخصيص، وما لم يكن الفعلُ فعلاً (١) للمريد لا يكونُ مراداً، فما كان من جهة العبد الذي سمَّيناه كسباً وقع على وفق العلم، والأمر كان مُراداً مرضياً، أعني مراداً بالتجدد والتخصص (٢) الذي هو أثرُ قدرة الله تعالى مرضيّاً بالثناء والثواب والجزاء.

وما وقع على وَفْقِ العلم وخلاف الأمر كان مُراداً غير مرضي، أعني مُراداً بالتجدد، وغير مرضي بالذمِّ والعقاب، وهذا هو سر هذه المسألة، ومن اطَّلَع عليه، استهان بتهويلات القدرية، وتمويهاتِ الجبرية.

قلت: هذا كلامٌ صحيح المعاني، قويُّ المباني، وإنما يتجلَّى بمعرفة مذهبهم في خلق الأفعال، وتمييز ما هو أثر قدرة الرب عما هو أثر قدرة العبد، فمن أراد تحقيق هذا، جمع إلى النظر فيه أمرين:

أحدهما: النظر في مسألة الأفعال كما يأتي في المرتبة الخامسة.

وثانيهما: النظر في امتناع تعلق الإرادة بفعل غير المريد، وهو صحيح،


= وأخرجه من حديث أبي هريرة: أحمد ٢/ ٣٨٠.
(١) من قوله: " فلا يكون " إلى هنا ساقط من (ش).
(٢) في (ش): التخصيص.

<<  <  ج: ص:  >  >>