للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أن المجتهد لا يَلْزمُهُ طلبُ النَّص بغير بلده، فلأنَّهُ -عليه السلام- لم يُلْزمْ معاذاً أن يَطْلُبَ النَّصَّ منه -عليه السلام- من المدينة، مع العلم بأنَّه -عليه السلام- لو سئلَ عن الحكم، لَنَصَّ على الجواب، فكيف يجب على المجتهدِ الطلبُ مع تجويزه أن لا يجدَ النَّصَّ؟ وهذا معاذٌ لم يَجبْ عليهِ الطَّلبُ مع علمهِ بأنه يجدُ النَّصَّ، وقد رويَ هذا القولُ عن أبي الحسين، والله أعلم.

الحجة الثالثة: أنَّهُ قد ثبت عن أميرِ المؤمنين علي -عليه السلام- أنه قالَ: كنْتُ إذا سَمِعتُ مِن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حديثاًً نفعني اللهُ بما شاءَ أن ينفعني منه، فإذا حدثني عنه غيرُهُ حَلَّفتُهُ، فإن حلف صَدَّقتُهُ، وحَدَّثني أبو بكر، وصدقَ أبو بكر (١). رواه الإمام المنصور بالله في كتاب " الصفوة " بهذا اللفظ، ورواه أيضاًً الإمام أبو طالب -عليه السلام-، ورواه الحافظ ابن الذهبي في " تذكرته " (٢) وقال: هو حديثٌ حسن، رواه مِسْعَرُ، وشريكُ، وسفيانُ، وأبو عَوانةَ، وقيسٌ، كُلُّهم عن عثمانَ بنِ المغيرة الثَّقفي، عن علي بن ربيعةَ، عن أسماء بنِ الحكم الفزاري: أنه سَمعَ عَلياً يقول ... وساقَ الحديث، وفيه بعدَ قولهِ: وصدق أبو بكر. قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " مَا منْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذنباً ثُمَّ يَتَوَضَّأ ويُصَلِّي ركْعَتَيْن، ثُمَّ يسْتَغْفِرُ اللهَ إلا غَفَرَ اللهُ لَهُ " (٣).


(١) سيأتي تخريجه قريباً.
(٢) ١/ ١٠ - ١١.
(٣) رواه أحمد (٢) و (٤٧) و (٥٦) وأبو بكر المروزي في مسند أبي بكر (١) وأبو يعلى في " مسنده " (١) والطيالسي (١)، والترمذي (٤٠٦) و (٣٠٠٩) والبغوي (١٠١٥) وابن جرير (٧٨٥٣) و (٧٨٥٤)، والحميدي (١) وابن ماجه (١٣٩٥) وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (٢٤٥٤) وأورده السيوطي في " الدر المنثور " ٢/ ٧٧ وزاد نسبته لابن أبي شيبة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>