للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَقْبَلَ المُرْسَل مِمَّنْ يَقْبَلُ المُدَلِّسَ، واللهُ سبحانهُ أَعْلمُ.

الوجه العاشر: سلَّمنا أنَّ المُرْسَلَ حجَّةٌ إذا لَمْ يُعَارِضْهُ المُسْنَدُ، أمَّا مَعْ مُعارَضَةُ المُسْنَدِ (١) لَهُ، فَلَنَا أَنْ نُرَجِّحَ المسْنَدَ على المُرْسَلِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ جماعةٍ وافِرَة مِنْ أهلِ العلْمِ.

وقد نصَ الإِمامُ يحيى بنُ حمزة عليه السلامُ في كتابِ " المعيار " على تَرجيحِ المُسْنَدِ على المُرْسَلِ، واحتجَّ على ذلكَ بأنَ المُسند مُجْمَعٌ على قَبُولهِ، والمُرْسلُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

وقد أشار الشَّيخُ الحسنُ بن مُحَمد الرصاص في كتابِهِ " الفائق "، وحفيدُه أحمدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ في كتابهِ " الغُرر " إلى تفصيل حَسَن في ذلِكَ، وهو تفصيل المُسْندِ المَعْروفِ رجالُ إسنادِه الذي ادعى مُسْنِدُهُ عَدَالَةَ رُوَاتِهِ، وَوَثَّقَهم. وقال في "الجوهرة" ما لفظه: والصَحِيحُ أنَّ الخَبرَيْن فيما بَعْدَ التَّابِعين، أو في زَمَانِنَا هذا مَتَى وَرَدَ أو كان المُسْندُ معْلُومَاً، ورِجَاله غيْرَ مغمورين، ولا مُلْتَبِسي العَدَالَةِ والضبْطِ، فإن المُسْنَدَ أوْلى بِلا مِرْيَةٍ، لأنَّ المُرْسِلَ حيثُ أَرْسَلَ لا بُدَّ لَهُ مِنْ سَنَدٍ إنْ لَمْ يُشَاهِدْ رَسولَ اللهُ - صلى الله عليه وسلم -، ولا سَمِعَ مِنْهُ، ولكِنْ يَتَطَرقُ (٢) إلى المُرْسِلِ مِن السهْوِ والذهُول عَنْ حالِ ما يَروي عَنْهُ ما لَمْ يَتَطَرقْ إلى المُسْنِدِ الَّذي قَدْ أبدى صفحَتَهُ، فكان أولى، وحسن الظنِّ بِمَنْ أَرْسلَ، وإنْ كانَ يُوجِبُ قبُولَ رِوَايَتهِ، إلاَّ أنَّ الظَّن في المسندِ صارَ أقوى لما ذكرنا، فكان أرجَحَ، والعلماءُ مُجْمِعُون على


= منها " التبيين في أسماء المدلسين " لابن العجمي، و" طبقات المدلسين " لابن حجر، و" التأنيس بشرح منظومة التدليس " للغماري، و" أسماء المدلسين " للسيوطي، و" جامع التحصيل "، وكلها مطبوعة.
(١) جملة " أما مع معارضة المسند " ساقطة من (ج).
(٢) في (ج): ينظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>