للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: ١٣]. وأمثالَها مِن كتاب الله تعالى، كما يأتي قريباً. وقولَه في حَقِّ البُغاة: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠] وقولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حقِّهم أيضاًً: " إنَّ ابْنِي هذَا سَيِّدٌَ، وَأرْجُو أنْ يُصْلحَ اللهُ بهِ بَيْنَ فِئَتيْنِ عَظِيمَتيْنِ مِنَ المُسْلِمِيْنَ " (١).

وإذا نقلتَ مذاهبَهم، فاتَّق الله في الغَلَطِ عليهم، ونسبةِ ما لم يقولوه إليهم، واستحضر عندَ كتابتك ما يبقى بعدَك: قولَه عز وجلْ: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ} [يس: ١٢].

وَلا تَكتُبْ بِكفِّكَ غَيْرَ شَيءٍ ... يَسُرُّك في القِيَامَةِ أنْ تَرَاهُ

واطَّرِحْ قوْلَ مَنْ كفَّرهم بغيرِ دليل شرعي متواترٍ قطعي، إن كنتَ ممن يسمع ويَعي، وحَقِّقِ النظر في شروطِ هذه الصورة، تَعْلَمْ أنها لا تكونُ إلا في المعلوم مِن الدين بالضرورة، كما سيأتي تحقيقُ ذلك، عند سلوكِ هذه المسالك، وإيَّاكَ والْاغَتِرَارَ بـ " كُلُّهَا هَالِكَةٌ، إلاَّ وَاحِدَةً " (٢) فإنها زيادةٌ فاسدة، غيرُ صحيحةِ القاعدة لا يُؤْمَنُ أن تكونَ مِن دسيسِ الملاحَدِة.

وعن ابن حزم (٣): أنها موضوعة، غير موقوفة ولا مرفوعة، وكذلك جميعُ ما ورد في ذم القَدَرِية والمرجئة والأشعرية، فإنها أحاديث ضعيفةٌ غيرُ


(١) رواه البخاري (٢٧٠٤) والترمذي (٣٧٧٥) وأبو داود (٤٦٦٢) والنسائي ٣/ ١٠٧ والبغوي (٣٩٣٤) وأحمد في " المسند " ٥/ ٣٧ و٤٩ وفي " فضائل الصحابة " (١٣٥٤) وعبد الرزاق في " المصنف " (٢٠٩٨١) والطبراني في " الكبير " (٢٥٨٨) من حديث أبي بكرة.
(٢) وللعلامة المقبلي رحمه الله تنقيدٌ على كلام المؤلف هذا في كتابه " العَلَم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ " ص ٤١٤ فارجع إليه.
(٣) هو أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي المتوفى سنة (٤٥٦) هـ وهو صاحب " المحلى " و" الفِصَل " و" الأحكام " وغيرها من التواليف الجيدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>