كل ألفٍ باءٌ، فبالضرورة يجب أن بعض الباء ألفٌ، وهذا وإن كان صحيحاً، بل ضرورياً، فإنه لا يجب على المسلمين أن يعرفوه.
المقدمة السابعة: اعلم أنَّا نظرنا في هذه الأحاديث التي ذكرها السيد، وقطع أن رواتها تعمَّدُوا الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل الأولى القطع بتعمُّدِهم الكذب، أم الوقفُ في ذلك؟ فوجدنا الوقف أولى، لوجوهٍ مرجِّحة لذلك (١).
المرجِّح الأول: أن القطع بأنهم تعمَّدُوا الكذب فيها يؤدي إلى بطلان أمر مجمعٍ عليه، وما أدَّى إلى ذلك، فهو باطلٌ، والمقدمة الثانية: أنها مسلمة وفاقية، وبيان المقدمة الأولى أن الأمة قد أجمعت على الرجوع إلى كتب المحدثين هذه المسمَّاة بالصِّحاح، والاجتماع بما فيها، أما الفقهاء، فظاهرٌ، وأما الزيدية، فلوجوهٍ:
أحدها: أن من أول كتابٍ صُنِّفَ في تجريد أدلة الأحكام من الحديث للزيدية، فهو كتاب " علوم آل محمد " تأليف محمد بن منصور المرادي، وهو المعروف بأمالي أحمد بن عيسى، وهو يروي فيه عن محمد بن إسماعيل البخاري، وعن رجال الصِّحاح، وعمَّن دونهم، بل صرَّح فيه بما يقتضي قبول المجاهيل، وبعده كتاب " أصول الأحكام " للإمام المتوكل أحمد بن سليمان عليه السلام، وقد قال في خطبته: إنه نقل من " البخاري " وغيره من كتب الفقهاء، مثل كتاب الطحاوي الحنفي، وكتاب المُزني صاحب الشافعي، وكتاب محمد بن الحسن الشيباني، وكتاب الإمام هذا قد خلط الذي رُوِيَ عنهم بالذي رُوِيَ عن أهل البيت عليهم السلام من غير تمييزٍ لأحدهما عن الآخر بصريح لفظ ولا رمزٍ في خطٍّ ولا قاعدةٍ ذكرها في خطبة الكتاب، والزيدية مجمعون على الرجوع إليه، والمجتهدون منهم معتمدون في معرفة أدلة الأحكام عليه في قدر أربعمئة سنةٍ، ما أنكر ذلك منكرٌ.