للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني: لو سلَّمنا أنه دلَّ على ذلك دليلٌ سمعي خَفِي لكان معارضاً بما هو أوضح منه مما تقدمت الإشارة إليه في المنع من تكفير مُثبتي الصفات، وذلك ما ورد من النصوص المجمع على صحتها من أن الإسلام هو شهادة أن لا إله إلاَّ الله وأن محمداً رسول الله، إلى آخر الحديث (١)، وأمثاله، وشواهده.

الوجه الثالث: إنا نعلم بالضرورة منهم ضِدَّ ما ألزموهم، فكيف يصح لنا أن نُلزمهم التكذيب، ونحن نعلم منهم التصديق؟! فهذا الإلزام إن لم يوجب العلم لم يُعارِض علمنا بتصديقهم، ولا يصِحُّ أن نوجب العلم، لأن علمنا بتصديقهم ضروريٌّ، والعلوم (٢) لا تعارض (٣).

الوجه الرابع: أنا لو كفرنا بذلك لأمكن المعتزلة، والشيعة، والظاهرية تكفير من لم يقُل بحدوث القرآن لتأويله لقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء: ٢]، وقوله: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى} [هود: ١٧] ونحو ذلك.

الوجه الخامس: أن النصوص قد تواترت بمروق الخوارج، ومع ذلك، فما كفَّرهم كثيرٌ من أهل السنة.

وادعى الخطابي في " معالم السُّنن " الإجماع على عَدَمِ كفرهم، وجاءت أحاديث تدلُّ على ذلك، من ذلك: حديث أبي سعيدٍ الثابت في " الصحيحين " في قول عبد الله بن ذي الخُويصرة: اعْدِلْ يا رسول


(١) تقدم تخريجه في هذا الجزء ص ٩٥.
(٢) في (ب): والمعلوم.
(٣) في (ش): لا تتعارض.

<<  <  ج: ص:  >  >>